عينان

التفعيلة : نثر

عينانِ كحْلاوانِ ، بل لُغتانِ من حُلُم الغريقْ
بلْ شاطآنِ رمى الصَّباحُ إليْهِما …
سِحْرَ البريقْ
بلْ زهْرتانِ نديَّتانِ تُحدِّثانِ ..
عن الرَّحيق
بل واحتانِ تُعلِّمانِ الظِّلَّ …
كيفَ يُريحُ وجدانَ الطَّريقْ
عينانِ بُستانانِ …
عنْ حُسنيهِما كَشَف المَطَرْ
ورمى المَساءُ إليهِما سِحْرَ القمرْ
وإليهما بهدوئِهِ بَعَثَ السَّحَرْ
ومضى يزفُّ إليهما قَطْر النَّدا …
ويُحرِّكُ الأشواقَ في ورَقِ الزَّهَرْ
وإليهِما تاقَ الشَّجَرْ
فغدا يُساقِطُ فوقَ هُدْبهما الثَّمَرْ
عيْنانِ صامِتتَانِ ناطِقتَانِ …
مُفعَمَتانِ بالسِّحر الحلالْ
عينانِ مُوْرِقَتانِ بالأحلامِ …
وارِفَتَا الظِّلالْ
زحَفَ الظلامُ إليهِما ـ يوماً ـ بلا نجمٍ يُزيِّنُهُ …
و لا قَمَرٍ يُقامُ لهُ احتفالْ
رَأتَا من الأشباح ما لا يسْتَقِرُّ به الخيالْ
جثَمَ الظلامُ عليهِما مثلَ الجبالْ
ماذا جَرى ؟ ماهَذهِ الضَّوضاءُ ؟ ..
وانْطَفَأ السُّؤالْ
عيْنانِ تنْبَجِسانِ عنْ نهْرينِ …
منْ دمعٍ غَزيْرْ
تتأوَّهانِ بنظرتينِ حزينتينِ …
إلى السَّريرْ
تَتقَاذَفانِ من الأسى سهمينِ ..
من ألمٍ كبيرْ
تَتَأمَّلانِ أمام باب الحزنِ تمثالاً …
منَ الحُلُمِ الأسيرْ
تسْتَجْوبانِ الصَّمتَ عن أسرارِ قلْبهما الكسيرْ
عينانِ تجتازانِ دائرةَ الأسى …
تريانِ ما خلف الجِدارْ
تَتَقرَّيَانِ بِراحَتيْ نَظَرَيْهِما …
أَثَرَ الحِصارْ
هذا الجِدارُ العُنصريُّ جريمةٌ كبرى …
تَدُلُّ على انْحِدارْ
هذا الجِدارُ يضمُّ في طيَّاتِهِ ثُقْبَ انهيارْ
عيْنانِ مُغمَضَتانِ …
للنِّيرانِ حولَهما ضرامْ
طارتْ عصافيرُ السَّعادةِ …
وانْتهى عذْبُ الكلامْ
عَيْنا خديجةَ والرَّبابْ
ما عادَتا تريانِ إلاَّ القَصْفَ ..
في جُنحِ الظَّلامْ
تريانِ كيفَ استذأبَ الباغي …
على الطِّفل الرَّضيع على الغُلام
تَرَيانِ كيفَ جرى دمُ الشُّهداءِ …
فوقَ لآلئ الأشلاءِ …
و انتَفَضَ الرُّكامْ
ضَجَّ المساءُ لأنَّ أشلاء الرَّضيعِ
تألَّقتْ تحتَ الحُطامْ
وبكى لأنَّ قنابلَ الفسفورِ …
كانت تُرسِلُ الألوانَ خادِعةً …
فيحترِقُ الصِّغارْ
ولأنَّ حَرْبَ السَّامريِّ جريمةٌ …
تحظى بتأييدِ الأباطِرةِ الكِبارْ
ولأنَّ أقبحَ دولةٍ وَرَماً تَمُدُّ يداً …
وتتَّخِذُ القرارْ
ولأنَّ قانونَ الهوى فَرَضَ الحِصارْ
و لأنَّ كلَّ دُويْلةٍ في العالم العربيِّ …
لاذَتْ بالفِرارْ
عَيْنا خديجةَ و الرَّبابْ
ما عادتا تَرَيانِ إلاَّ البيتَ محروقاً …
تُحاصِرُهُ الذِّئابْ
وهُناكَ خلْفَ حديقةٍ مذْعورةٍ …
تقِفُ الكِلابْ
و هُناكَ تحتَ لوافِحِ النِّيرانِ …
ينتحِبُ التُّرابْ
وهُناكَ ينطفئُ السؤالُ …
أمامَ غَمْغَمةِ الجوابْ
وهُناكَ شيخُ القَلْعَةِ الكُبرى …
يُجَلْجِلُ بالخِطابْ
وهُناكَ جمهورٌ يكادُ يطيرُ تصْفيقاً …
يُطأطِئ بالرِّقابْ
وهُناكَ إعلامٌ يُثيرُ غُبارهُ في كلِّ ناحيةٍ …
ويحترِفُ الكِذاب
وهُناكَ تلْمعُ في صحارى كُلِّ دجَّال …
أباطيلُ السَّرابْ
ماذا جرى ؟
هذي الرِّياحُ تسُوقُ أَجْمَلَ ما ترَاهُ منَ السَّحابْ
ماذا جرى ؟
هذي الجِبالُ تَهُبُّ ضاحِكةً …
وتبتَسِمُ الشِّعابْ
ماذا جرى ؟
عيْنا خديجَةَ و الرَّبابْ
تريانِ في الأفقِ البعيد الشَّمسَ ضاحِكةَ الشُّعاعْ
تريانِ كيفَ أناختِ الأمجادُ في الأقصى …
ومدَّتْ للبطُولاتِ الذِّراعْ
تريَانِ غزَّةَ قَلْعةً تهفو لِعِزَّتِها القِلاعْ
تريانِ غزَّةَ في ارتفاعْ
ضاعتْ مؤامرةُ العدوِّ …
وغزَّةُ الأمجادِ تهزأُ بالضَّياعْ
تريانِ خاتمةَ الصِّراعْ
نصراً كأجْمَلِ ما يكونُ النَّصرُ …
يَكْتَنِفُ البِقاعْ
ماذا جرى ؟
لا يأسَ يا عيْنَيْ خديجةَ و الرَّبابْ
فالله ينْصُرُ دينهُ …
و الظالِمونَ إلى تَبابْ


نوع المنشور:

شارك على :

المنشور السابق

جولة في ذاكرة طفل مسلم

المنشور التالي

موازين الرجال

اقرأ أيضاً