لولا تعنفني لقلت المنزل

التفعيلة : البحر الكامل

لَولا تُعَنِّفُني لَقُلتُ المَنزِلُ

مَغناً تَبَيَّنَهُ وَمَغناً مُشكِلُ

وَبِوَقفَةٍ يُشفي غَليلُ صَبابَةٍ

وَيَقولُ صَبٌّ ما أَرادَ وَيَفعَلُ

سالَت مُقَدِّمَةُ الدُموعِ وَخَلَّفَت

حُرقاً تَوَقَّدُ في الحَشا ما تَرحَلُ

إِنَّ الفِراقَ كَما عَلِمتُ فَخَلِّني

وَمَدامِعاً تَسَعُ الفِراقَ وَتَفضُلُ

إِلّا يَكُن صَبرٌ جَميلٌ فَالهَوى

نَشوانُ يَجمُلُ فيهِ ما لا يَجمُلُ

يا دارُ لا زالَت رُباكِ مُجودَةً

مِن كُلِّ سارِيَةٍ تُعَلُّ وَتُنهَلُ

أَذكَرتِنا دُوَلَ الزَمانِ وَصَرفَهُ

وَأَرَيتَنا كَيفَ الخُطوبُ النُزَّلُ

أَصَبابَةٌ بِرُسومِ رامَةَ بَعدَ ما

عَرَفَت مَعارِفَها الصِبا وَالشَمأَلُ

وَسَأَلتُ مَن لا يَستَجيبُ فَكُنتُ في اِس

تِخبارِهِ كَمُجيبِ مَن لا يَسأَلُ

اليَومَ أُطلِعَ لِلخِلافَةِ سَعدُها

وَأَضاءَ فيها بَدرُها المُتَهَلِّلُ

لَبِسَت جَلالَةَ جَعفَرٍ فَكَأَنَّها

سَهَرٌ تَجَلَّلَهُ الصَباحُ المُقبِلُ

جاءَتهُ طائِعَةً وَلَم يُهزَز لَها

رُمحٌ وَلَم يُشهَر عَلَيها مُنصَلُ

أَنّى وَقَد كانَت تَلَفَّتُ نَحوَهُ

مِن قَبلِ أَن يَقَعَ القَضاءُ فَتَعقَلُ

حَتّى أَتَتهُ يَقودُها اِستِحقاهُهُ

وَيَسوقُها حَظٌّ إِلَيهِ مُقبِلُ

عَن بَيعَةٍ إِلّا تَكُن عَقَبِيَّةً

فَهيَ الَّتي رَضِيَ الكِتابُ المُنزَلُ

لَم تَنصَرِف عَنها النُفوسُ وَلَم تَزِغ

فيها القُلوبُ وَلَم تَزِلَّ الأَرجُلُ

مَسَحوا أَكُفَّهُم بِكَفِّ خَليفَةٍ

نَجَمَت بِدَولَتِهِ الحُقوقُ الأُفَّلُ

وَكَفَتهُمُ الشورى شَواهِدَ أَعرَبَت

عَن أَمرِهِ وَفَضيلَةٌ ما تُشكِلُ

فَكَأَنَّما الدُنيا هُنالِكَ رَوضَةٌ

راحَت جَوانِبُهَ تُراحُ وَتوبَلُ

أَوَ ما تَرى حُسنَ الرَبيعَ وَما بَدا

وَأَعادَ في أَيَّمِهِ المُتَوَكِّلُ

أَشرَقنَ حَتّى كادَ يُقتَبَسُ الدُجى

وَرَطُبنَ حَتّى كادَ يَجري الجَندَلُ

مِن بَعدِمَ اِسوَدَّ الزَمانُ المُنتَضى

فينا وَجَفَّ لَنا الثَرى المُتَبَلِّلُ

اللَهُ سَهَّلَ بِالخَليفَةُ جَعفَرٍ

مِن دَهرِنا ما لَم يَكُن يُتَسَهَّلُ

مَلِكٌ أَذَلَّ المُعتَدينَ بِوَطأَةٍ

تَرسو عَلى كَتَدِ النِفاقِ وَتَثقُلُ

إِن كَلَّ صَرفُ الدَهرِ لَم يَكلِل وَإِن

غَفَلَ الرَبيعُ فَجودُهُ لا يَغفُلُ

نَفسٌ مُشَيَّعَةٌ وَرَأيٌ مُحصَدٌ

وَيَدٌ مُؤَيَّدَةٌ وَقَولٌ فَيصَلُ

وَلَهُ وَإِن غَدَتِ البِلادُ عَريضَةً

طَرَفٌ بِأَطرافِ البِلادِ مُوَكَّلُ

اِسلَم أَميرَ المُؤمِنينَ لِسُنَّةٍ

أَحيَيتَها وَالناسُ حَيرى ضُلَّلُ

وَرَعِيَّةٍ أَحسَنتَ رَعيَ سَوامِها

حَتّى غَدَت وَالعَدلُ فيها مُهمَلُ

اللَهُ يَشكُرُ مِنكَ سَعياً صادِقاً

في حِفظِها ثُمَّ النَبِيُّ المُرسَلُ

فَضلُ الخَلائِفِ بِالخِلافَةِ واقِفٌ

في الرُتبَةِ العُليا وَفَضلُكَ أَفضَلُ

أَوفَيتَ عاشِرُهُم فَإِن نُدِبوا إِلى

كَرَمٍ وَإِحسانِ فَأَنتَ الأَوَّلُ

وَغَدَوتَ في بُردِ النَبِيِّ وَهَديِهِ

تُرجى لِحُكمٍ صادِقٍ وَتُؤَمَّلُ


نوع المنشور:

شارك على :

المنشور السابق

لا دمنة بلوى خبت ولا طلل

المنشور التالي

أهلا بذالكم الخيال المقبل

اقرأ أيضاً

مواعيد سرية

أوصدت البابَ ووضعتُ المفتاحَ في جيبي. أغلقتُ النوافذ وأسدلت الستائر. مسحتُ الغبار عن المرآة والمنضدة ونظارتي، وشذّبت زهور…