يا يوم عرج بل وراءك يا غد

التفعيلة : البحر الكامل

يا يَومُ عَرِّج بَل وَراءَكَ يا غَدُ

قَد أَجمَعوا بَيناً وَأَنتَ المَوعِدُ

أَلِفوا الفِراقَ كَأَنَّهُ وَطَنٌ لَهُم

لايَقرُبونَ إِلَيهِ حَتّى يَبعُدوا

في كُلِّ يَومٍ دِمنَةٌ مِن حَيِّهِم

تُقوي وَرَبعٌ مِنهُمُ يَتَأَبَّدُ

أَوَما كَفانا أَن بَكَينا غُرَّباً

حَتّى شَجانا بِالمَنازِلِ ثَهمَدُ

أَسنِد صُدورَ اليَعمَلاتِ بِوَقفَةٍ

في الماثِلاتِ كَأَنَّهُنَّ المُسنَدُ

دِمَنٌ تَقاضاهُنَّ إِعلانَ البِلى

هوجُ الرِياحِ البادِياتُ العُوَّدُ

حَتّى فَنينَ وَما البَقاءُ لِواقِفٍ

وَالدَهرُ في أَطرافِهِ يَتَرَدَّدُ

هَل مُغرَمٌ يُعطي الجَوى حَقَّ الهَوى

مِنكُم فَيُنفِدَ دَمعَهُ أَو مُسعِدُ

حُيِّتِ بَل سُقّيتِ مِن مَعحودَةٍ

عَهدي غَدَت مَهجورَةً ماتُعهَدُ

لَو كُنتِ سامِعَةً لَبِحتُ بِلَوعَتي

وَلَقُلتُ مافَعَلَ الحِسانُ الخُرَّدُ

وَلَوَ اَنَّ غِزلانَ الكِناسِ تُجيبُني

لَسَأَلتُها أَينَ الغَزالُ الأَغيَدُ

لا يَبعَدوا أَبَداً وَهَل تُدنيهُمُ

ياوَهبُ قَولَةُ عاشِقٍ لايَبعَدوا

وَأَخٍ أَتاني عَتبُهُ وَكَأَنَّهُ

سَيفٌ عَلَيَّ مَعَ العَدُوِّ مُجَرَّدُ

تَلقى شُجاعاً حَيثُ تَجتَمِعُ العُلا

وَمُحَمَّداً حَيثُ استَنارَ مُحَمَّدُ

وَيَحُلُّ مِن دونِ القُلوبِ إِذا غَدا

مُتَكَرِّماً وَكَأَنَّهُ مُتَوَدِّدُ

توهي صَفاةَ الخَطبِ وَهوَ مُلَملَمٌ

وَيَهُدُّ رُكنَ الخَصمِ وَهوَ يَلَندَدُ

سِرٌ وَإِعلانٌ تُسَوّى مِنهُما

نَفسٌ تُضيءُ وَهِمَّةٌ تَتَوَقَّدُ

فَكَأَنَّ مَجلِسَهُ المُحَجَّبَ مَحفِلٌ

وَكَأَنَّ خَلوَتَهُ الخَفِيَّةَ مَشهَدُ

وَتَواضُعٌ لَولا التَكَرُّمُ عاقَهُ

عَنهُ عُلُوٌّ لَم يَنَلهُ الفَرقَدُ

وَفُتُوَّةٌ جَمَعَ التُقى أَطرافَها

وَنَداً أَحاطَ بِجانِبَيهِ السُؤدُدُ

وَشَبيبَةٌ فيها النُهى فَإِذا بَدَت

لِذَوي التَوَسُّمِ فَهيَ شَيبُن أَسوَدُ

خَضِلُ اليَدَينِ إِذا تَفَرَّقَ في النَدى

جَمَعَ العُلا فيما يُفيدُ وَيُنفِذُ

نَشوانُ يَطرَبُ لِلسُؤالِ كَأَنَّما

غَنّاهُ مالِكُ طَيِّئٍ أَو مَعبَدُ

جاءَت عِنايَتُهُ وَلَمّا أَدعُها

بِيَدٍ تَلوحُ وَنِعمَةٍ ماتُجحَدُ

مازالَ يَجلو ما دَجا مِن هِمَّتي

بِهِما وَيُشعِلُ عَنهُما ماأُخمِدُ

عُذراً أَبا أَيوبَ إِنَّ رَوِيَّتي

تَجني الخَطاءَ وَإِنَّ رَأيِ مُحصَدُ

يا أَحمَدَ بنَ مُحَمَّدٍ نَضَبَ النَدى

مِن كَفِّ كُلِّ أَخي نَداً ياءَحمَدُ

أَشكو إِلَيكَ أَنامِلاً ما تَنطَوي

يُبساً وَأَخلاقاً تُقَصِّفُها اليَدُ

وَأَنا لَبيدٌ عِندَ آخِرِ دَمعَةٍ

يَصِفُ الصَبابَةَ وَالمَكارِمُ أَربَدُ

الناسُ حَولَكَ رَوضَةٌ ما تُرتَقى

رَيّا النَباتِ وَمَنهَلٌ مايورَدُ

جِدَةٌ وَلا جودٌ وَطالِبُ بُغيَةٍ

في الباخِلينِ وَبُغيَةٌ ماتوجَدُ

تَرَكوا العُلا وَهُمُ يَرَونَ مَكانَها

وَدَعا اللُجَينُ قُلوبَهُم وَالعَسجَدُ

وَتَماحَكوا في البُخلِ حَتّى خِلتُهُ

ديناً يُدانُ بِهِ الإِلَهُ وَيُعبَدُ

أُرضيهُمُ قَولاً وَلا يُرضونَني

فِعلاً وَتِلكَ قَضِيَّةٌ لاتَقصِدُ

فَأَذُمُّ مِنهُم ما يُذَمُّ وَرُبَّما

سامَحتُهُم فَحَمِدتُ مالايُحمَدُ


نوع المنشور:

شارك على :

المنشور السابق

بعض هذا العتاب والتفنيد

المنشور التالي

مثالك من طيف الخيال المعاود

اقرأ أيضاً