سماء الدجى ما هذه الحدق النجل

التفعيلة : البحر الطويل

سماء الدجى ما هذه الحدق النجل

أصدر الدجى حالٍ وجيد الضحى عُطل

لك اللّه من عزم أجوب جيوبه

كأني في أجفان عين الردى كحل

كأن الدجى نقع وفي الجو حرمة

كواكبها جند طوائرها رسل

كأن مطايانا سماء كأننا

نجوم على أقتابها برجها الرحل

كأن القُرى سكْرى ولا سكر بالقرى

كأن الربا ثكلى وما بالربا ثكل

كأن السرى ساقٍ كأن الكرى طلا

كأنا لها شرب كان المنى نقل

كأن الفلا نادٍ به الجن فتية

عليه الثرى فرش حشيته الرمل

كأن الربا كُوم كأن هزالها

لكثرة ما يغتالها الخف والنعل

كأن الذي تنفى الحوافر في الثرى

خطوطٌ مساميرُ النعال لها شكل

كأنا جياع والمطيّ لنا فم

كأن الفلا زاد كأن السرى أكل

كأن بصدر العيس حقداً على الثرى

فمن يدها خبط ومن رجلها نكل

كأن ينابيع الثرى ثدي مرضع

وفي حجرها مني ومن ناقتي طفل

كأنا على أُرجوحة من مسيرنا

لغورٍ بها نهوي ونجدٍ بها نعلو

كأنا على سير السواني مسافة

لمجهلة تمضي ومجهلة تتلو

كأن الدجى جفن كأن نجومه

على ظهره حليٌ كأنا له نصل

كأن بني غبراء حين لقيتهم

ذئاب كأني بين أنيابهم سخل

كأن أبانا أودع الملك الذي

قصدناه كنزاً لم يسَع ردَّه مطل

كأن يدي في الطرس غواص لجة

بها كلمي درّ به قيمتي تغلو

كأن فمي قوس لساني له يد

مديحي له نزع به أملي نبل

كأن دواتي مطفِل حبشية

بناني لها بعل ونفسي لها نسل

كان بنيها عكس أبناء عصرنا

فإن يُرضَعوا يبكوا وإن يفْطموا يسلو

وإن ضربت أعناقهم عاش ميتهم

فقتلهم أن لا يعمهم القتل

كأن ألهمت فضل الذي باسمه جرت

فسارت وما غير الرؤوس لها رجل

كأن الأمير اختصها فاعتلت به

معارجُ أسبابُ السماء لها سفل

وإلا فما بالُ الملوك نراهمُ

عبيد قناة لا تمر ولا تحلو

ألا عَتَبَتْ جُمْل وبيني وبينها

من البيد عذرٌ لو به علمت جمل

تعجب من شكواي دهري كأنني

شَكوت لما لم يشكه الناس من قبل

يذكرني قرب العراق وديعة

لدى اللّه لا يسليه مال ولا أهل

حنته النوى عني وأضنته غَيبتي

وعهدي به كالليث جؤجؤه عبل

إذا ورد الحجاج لاقى رفاقَهم

بفوَّارتي دمع هما السجل والنجل

يسائلهم أين ابنه كيف حاله

إلامَ انتهى لِمْ لَمْ يَعُد هل له شغل

أضاقت به حال أطالت له يد

أأخّره نقص أقَدَّمه فضل

أفيصوا عن الفرع الذي أنا أصله

وما بال فرع ليس يحضره الأصل

يقولون وافى حضرة الملك الذي

له الكنف المأمول والنائل الجزل

فَقِيدَ له طِرف وحُلّت له حبى

وخِير له قصر ودرَّ له نزْل

وفاضت عليه مطرة خلفية

بها للغوادي عن ولايتها عزل

يذكرهم باللّه ألاّ صدقتم

لديّ أجدُّ ما تقولون أم هزل

فدى لك ما أبناء دهرك من غدا

ولا قوله علم ولا فعله عدل

طوينا للقياك الملوك وإنما

بمثلك عن أمثالهم مثلنا يسلو

ولما بلوناكم تلونا مديحكم

فيا طيب ما نبلو ويا صدق ما نتلو

ويا ملكاً أدنى مناقبه العلى

وأيسر ما فيه السماحة والبذل

هو البدر إلا أنه البحر زاخراً

سوى أنه الضرغام لكنه وبل

محاسن يبديها العيان كما ترى

وإن نحن حدثنا بها دفع العقل

فقولا لِوَسّام المكارم باسمه

ليهنك إذ لم تبقِ مكرمة غفل

وجاراكَ أفراد الملوك إلى العلى

فحقاً لقد أعجزتهم ولك الخصل

سما بك من عمرو بن يعقوب محتد

كذا الأصل مفخوراً به وكذا النسل


نوع المنشور:

شارك على :

المنشور السابق

إن لم يكن هذا الصدود فصالا

المنشور التالي

الشعر أصعب مذهبا ومصاعدا

اقرأ أيضاً