ليهن الرعايا والمناقب والعلى

التفعيلة : البحر الطويل

ليَهْن الرَّعايا والمناقبَ والعُلى

سرورُكم ما أنبت العُشْبَ ماطِرُ

ولا برِحتكم غِبطةٌ ما لأوَّلٍ

حُبيتم به منها مدى الدهر آخِرُ

فأنتُمْ ربيع العام أخصب أهْلُهُ

سَقته الغوادي فهو أخضرُ ناضِرُ

وشمسُ الضحى يَضْحى بها النبت نامياً

ويُرشَدُ من بعد الضَّلالة جائرُ

إذا جادَتِ الأيامُ منكَ بماجِدٍ

تَبَلَّجَ محْزونٌ وأسْفر باسِرُ

كما تَتوالى ديمَةٌ بعد ديمَةٍ

فتَرْوى بهنَّ الهامداتُ الدَّواثِرُ

مُهودكُم مثلُ الأسِرَّةِ طاعَةً

وطِفْلُكُم من طاعة الناس كابِرُ

وما سُنَّةٌ في الدين إِلا وأنْتُمُ

إليكُمْ نواهي حَدِّها والأوامِرُ

ولما استراحَ المُعْتفونَ إلى الغِنى

وصدَّهُم من خجْلة الجودِ زاجِر

فلم تَرَ منهُمْ طالِباً لرَغيبَةٍ

لِما عمَّهُم فيضُ النَّدى فهو غامِرُ

أبى المُستضيءُ البرُّ تعطيل ساعةٍ

من الدهر إِلا والعَطايا هَوامِرُ

فهيَّأ للإحْسانِ موسِمَ نِعْمَةٍ

تَعُمُّ فيَرْوى فيه بَرٌّ وفاجِرُ

كصوب الحَيا السَّحَّاح سيَّان عنده

سِباخٌ وحُرٌّ فهو للكُلِّ ماطِرُ

وقيلَ خِتانٌ وهو سيْلُ مكارمٍ

لدُفَّاعِه بين البُيوتِ زَماجِرُ

به يشهد الدِّيباج والوشيُ شاهِدٌ

وحَلْيُ النُّضار والعِتاقُ الضَّوامر

ودُرُّ بُحورٍ عادَ حصْباءَ أمْعَزٍ

تدوس سَناهُ أرْجُلٌ وحَوافِرُ

يُباري الحَصى عدَّاً ويفضل نورهُ

نجوم الدَّآدي وهي بيضٌ زواهِر

فأضحت ضواحي المِصْر وهي كأنها

مجالي عروسٍ أعْلنتْها المَزاهِرُ

مساعي إِمامٍ طبَّقَ الأرض خيرُهُ

فمن غابَ عنه فهو بالجود حاضرُ

إِمامٌ يخافُ اللّهَ في خَلَواتِهِ

ويسعى ليومٍ فيه تُبْلى السَّرائرُ

ويرحمُ حتى يشمَلَ العفوُ فاحِشَ

الذُّنوب ومنْ قد أبْسَلتهُ الجرائرُ

فيُغضي عن العوْراء غيرَ مُعقِّبٍ

ويحْلُمُ عن أعْدائه وهو قادِرُ

ويكرُم عن إِضمار شَرٍّ وفِعْلِهِ

فأفكارُهُ مأمونَةٌ والبَوادِرُ

إذا الخائفُ المِعْدام حلَّ بأرضِه

فلا الجدبُ عرَّاقٌ ولا الخطب عاقِر

يُقِرُّ لهُ باللُّطفِ والبأسِ رِقَّةُ

النَّسيمِ وأطْرافُ القَنا والبَواتِرُ

ويحْسدهُ الطَّوْدُ الأشَمُّ أناتَهُ

إذا الحلم أضحى وهو بالطَّيش طائر

ويكسر كَبَّاتِ الخميس بعزْمِه

ولكنَّهُ للفَقْر بالجود جابِرُ

ويعْدِلُ ما بين الرَّعيَّة حُكْمُه

ولكنه في المال والطَّعْنِ جائرُ

ويُطْربُني صدقي بنظمِ مديحهِ

وإِن بات جفْني وهو للمدح ساهر

فلا زال مضَّاء الأوامر ما دَجا

ظلامٌ وما أدنى من الصبح جاشِرُ


نوع المنشور:

شارك على :

المنشور السابق

يرى المخلصون الغر أن فناءهم

المنشور التالي

كرار بأس وجود لا تملهما

اقرأ أيضاً