لم يبقَ عنديَ ما يبتزّهُ الألم
حسبي من الموحشاتِ الهمُّ والهرمُ
لم يبقَ عندي كفاءَ الحادثاتِ أسى
ولا كفاءَ جراحاتٍ تضجُّ دمُ
وحينَ تطغَى على الحرَّان جمرتُهُ
فالصمتُ أفضلُ ما يُطوَى عليهِ فمُ
وصابرينَ على البلوى يراودهُمْ
في أن تضمَّهُمُ أوطانُهم حلمُ
تذكَّروا عهدَ بلفورٍ فقلتُ لهمْ
ما تستجِدُّونَهُ عهدِي بهِ القِدَمُ
مِن قَبلِ سِتِّينَ من خَزيانِ مَولِدِهِ
أقمتُ مأتمَ أرضٍ قُدسُها حَرَمُ
لا يَغضَبَنْ سادةٌ تُخشى معرَّتُهُم
بل المعرَّةُ في أنْ يَغضَبَ الخَدَمُ
فلستُ أخلِطُ ما يَجنيهِ مِنْ تُهَمٍ
شعبٌ برئٌ وما يَأتيهِ مُتَّهَمُ
وإنَّما أنا من أوجاعِ مجتمعٍ ٍ
جرحٌ، ومن جَذوَاتٍ عِندَهُ ضَرَمُ
كم تَنقُضُونَ بأعذارٍ مُثَرثَرَةٍ
ما تُبرِمونَ، ولا يعنيكمُ البَرَمُ
شأنَ الذليلِ وقد دِيست كرامَتُهُ
وقلَّما عِندَهُ أن يَكثُرَ الكَلِمُ
دمشقُ يا أمَّةً حَطَّتْ بها أُممُ
مِنها إذا نُكَّسَتْ أعلامُها عَلَمُ
كأنَّما هيَ عنْ أوزارِ جِيرَتِها
كفَّارَةٌ، وعنِ الساعِي بِها نَدَمُ
يا هِمَّةً باسمِها تُسْتَنهِضُ الهِمَمُ
يا قِمَّةً تتهاوَى عِندَها القِمَمُ
دمشقُ، إنَّ وجوهَ الغدرِ سافِرَةً
أَخَفُّ مِنها شُروراً وهيَ تَلتَثِمُ
إنَّ النفاقَ حفيرٌ لا تلُوحُ بهِ
خُطَى المنافقِ إلَّا يومَ يَرتَطِمُ
تَأَلَّبَ الشرُّ مسعوراً بهِ نَهَمٌ
إلى العضاضِ، وإن أودَى بهِ النَّهَمُ
ودَوَّخَ الصمتُ مِهذاراً يُدَاخُ بهِ
ودبَّ في السمعِ مِن سَمَّاعةٍ صَمَمُ
وارتدَّ عنكِ وأحلافٌ لهُ خَدَمٌ
مُغْبَرَّ وجهٍ على خَيشُومِهِ رَغَمُ
وكم تَلَوَّحَ وجهٌ مِثلَهُ قذرٌ
ولَّى بأنظفِ كفٍّ منكِ يُلتَطَمُ