أرجُ الشبابِ وخمرُه المسكوبُ
لَيفوحُ من أردانِكُمْ ويطيبُ
ومنَ الربيعِ نضارةٌ بوجوهكم
تَنْدىَ . ومن شهدِ الحياةِ ضريب
ومنَ الفُتوّةِ سَلْسَلٌ متحدرٌ
مما يفيضُ يكادُ يُترَعُ كوب
وَلأنتُمُ إن غاب نجمٌ يُقتدى
أو حُمَّ خَطبٌ حالِكٌ غِرْبيب
وتأزمت كُرَبٌ ، وضاقت خطّةٌ
واستوحشتْ طرقٌ لنا ودُروب
سُرُجٌ تنير الخابطين ، وأنْجُمٌ
نغدو على أضوائها وَنَؤُوب
تتجهّمُ الدُّنيا ، ويعبسُ باسمٌ
منها ، ويعتوِرُ الحياةَ قُطُوب
حتى إذا ابتسمَ ” الشبابُ ” تذوُّبَتْ
كالغيمِ في الصّحوِ الجميلِ يذوب
يا عاكفينَ على ” الدُّروس ” كأنَّهُم
غُلْبُ الصُّقورِ من الظَماء تلوب
والعازفين عن اللذائذِ همُّهمْ
” جَرَسٌ ” يُدقُّ ومِنبرٌ وخطيب
تركوا مواعيدَ الحِسانِ وعندَهُم
بين المقاعدِ مَوْعدٌ مَضروب
أشهى من الوجهِ الجميلِ إليهمُ
وجهُ ” الكتابِ ” وَوُدُّهُ المخطوب
إن العراقَ بلا نصيرٍ منكم
وبلا مُجيرٍ ، مُقفِرٌ وجديب
عاشت سواعدُكُم فهن ضوامنٌ
أن يُسْتَرَدَّ من الحقوقِ سليب
وَزَكتْ عواطِفُكُمْ فأَيةُ ثروةٍ
منها نكافيءُ مُخلِصاً ونُثيب
وَلأْنتُمُ أنْتُمْ – وليس سواكمُ
أملُ البلادِ وذُخْرُها المطلوب
وَلأْنتُمُ إذ لا ضمائرَ تُرْتَجَى
للرافدَيْن ، ضمائرٌ وقلوب
ولأنتُمُ إن شوّشتْ صفحاتِنا
مما أُجِدَّ نقائصٌ وذُنوب
الطّاهرونَ كأنهمْ ماءُ السّما
لم يَلْتَصِقْ دَرَنٌّ بِهِمْ وعيوب
إنّا وقد جُزْنا المَدَى وتقاربتْ
آجالُنا . وأمضّنا التجريب
وتحالفتْ أطوارُنا وتمازَجَتْ
ونبا بنا التَقريعُ والتأنيب
وتخاذَلَتْ خُطواتُنا من فَرْط ما
جَدَّ السُرى ، والشدُّ ، والتقريب
لنَراكُمُ المثلَ العليَّ لأمّةٍ
ترمي إلى أهدافها وتُصيب
هي أُمّةٌ لم تحتضن آمالها
وغداً إلى أحضانِكُمْ ستؤوب
وغداً يُكفَّرُ والدٌ عما جنى
ظلماً على يدِ إبنه ويتوب
فتماسكوا فغدٌ قريبٌ فَجْرُهُ
منكم . وكلُّ مُؤمَّلٍ لَقَريب
وِتَطلّعوا يُنِرِ الطريقَ أمامَكم
قَبَسٌ يشعُّ منارهُ ، مَشبوب
وتحالفوا أنْ لا يُفّرِقَ بينكم
غاوٍ .ولا يَنْدسَّ فيكُمْ ذيب
وتذكّروا المستعمرينَ فانَّهُمْ
سَوْطٌ على هذي البلادِ وحُوب
فتفهمّوا إنَّ العراق بخيره
وثرائه ، لطَغامِهِمْ منهوب
وتميزوا فهناك وجهٌ سافرٌ
منهمْ ، وآخرُ بالخنا محجوب
وسويّة في خِزيّةٍ مستعمرٌ
أو مَنْ يُقيمُ مقامَه ويُنيب
إياكُمُ أنْ تُخدعوا بنجاحكم
فيما هو المقروءُ والمكتوب
أو تَحْسَبوُا أن الطريقَ كعهدِكم
بين الصفوفِ ” معبّدٌ ” ورحيب
ان الحياة سيبلوَنَّ جهادَكم
منها نجاحٌ مرهِقٌ ورسوب
ومُسَهَّدينَ جزاهُمُ عن ليلِهِمْ
اللهُ ، والتعليمُ ، والتدريب
أضناهُمُ تعبٌ وخيرُ مجاهدٍ
مُضنى يُعَبِّئُ أمّةً ” متعوب ”
أأُخيَّ ” عبودٌ ” ولستَ بمُعوِزٍ
مدحاً . ولكنَّ الجُحودَ مَعيب
إن كان مسَّك و ” الحسينَ ” كلالةٌ
أو كان نالكما عناً ولُغُوب
فلأنتما والشاعرون سويةٌ
كالشمع يَهدي غيرَه ويذوب
أُلاء غرسُكما فهل مِنْ غارسٍ
يزكو كهذا ، غرسُه ويَطيب
وهلِ الخلودُ ألَذُّ مما أنتما
فيه ، وأمرُ الخالدينَ عجيب
لا يحسبون وجودَهم . ووجودُهم
قبلَ الوجودِ ، وفوقه محسوب