عَجِبتُ مِنَ السارينَ وَالريحُ قَرَّةٌ
إِلى ضَوءِ نارٍ بَينَ فَردَةَ وَالرَحى
إِلى ضَوءِ نارٍ يَشتَوي القِدَّ أَهلُها
وَقَد يُكرَمُ الأَضيافُ وَالقِدُّ يُشتَوى
فَلَمّا أَتَونا فَاِشتَكَينا إِلَيهِمُ
بَكَوا وَكِلا الحَيَّينِ مِمّا بِهِ بَكى
بَكى مُعوِزٌ مِن أَن يُلامَ وَطارِقٌ
يَشُدُّ مِنَ الجوعِ الإِزارَ عَلى الحَشا
فَأَلطَفتُ عَيني هَل أَرى مِن سَمينَةٍ
وَوَطَّنتُ نَفسي لِلغَرامَةِ وَالقِرى
فَأَبصَرتُها كَوماءَ ذاتَ عَريكَةٍ
هِجاناً مِنَ اللاتي تَمَتَّعنَ بِالصُوى
فَأَومَأتُ إيماءً خَفِيّاً لِحَبتَرٍ
وَلِلَّهِ عَينا حَبتَرٍ أَيُّما فَتى
وَقُلتُ لَهُ أَلصِق بِأَيبَسِ ساقِها
فَإِن يَجبُرِ العُرقوبُ لا يَرقَإِ النَسا
فَأَعجَبَني مِن حَبتَرٍ أَنَّ حَبتَراً
مَضى غَيرَ مَنكوبٍ وَمُنصُلَهُ اِنتَضى
كَأَنّي وَقَد أَشبَعتُهُم مِن سَنامِها
جَلَوتُ غِطاءً عَن فُؤادِيَ فَاِنجَلى
فَبِتنا وَباتَت قِدرُنا ذاتَ هِزَّةٍ
لَنا قَبلَ ما فيها شِواءٌ وَمُصطَلى
وَأَصبَحَ راعينا بُرَيمَةُ عِندَنا
بِسِتّينَ أَنقَتها الأَخِلَّةُ وَالخَلا
فَقُلتُ لِرَبِّ النابِ خُذها ثَنِيَّةً
وَنابٌ عَلَينا مِثلُ نابِكَ في الحَيا
يُشَبُّ لِرَكبٍ مِنهُمُ مِن وَرائِهِم
فَكُلُّهُمُ أَمسى إِلى ضَوئها سَرى