إِذا ما الغَزالُ سَرى زائِرا
فَلا تَأمَنِ الأَسَدَ الزائِرا
وَلَكِن سَلِ اللَيلَ سَتراً عَلَيكَ
وَإِن كُنتَ تَأمَنُهُ كافِرا
عَسى الفَجرُ يَغفو وَلَو ساعَةً
يَنامُ بِها نَجمُهُ سائِرا
فَيا لَيلُ إِن تولِنيها يداً
تجدني لها ذاكراً شاكرا
وإن قيل نعرفُهُ كافِراً
أَقُل لا وَلَكِن نَعَم فاجِرا
فَيا لَيلُ ما اِفتَرَقَ العاشِقانِ
إِذا كُنتَ بَينَهُما حاضِرا
فَقَد جاءَني هاجِري واصِلاً
فَلا يَرجِعَن واصِلي هاجِرا
رَوَيتَ بِهِ غُلَّتي وارِداً
فَلا تَفجَعَنّي بِهِ صادِرا
وَدَعني أُطارِحهُ شَكوى الفِراقِ
وَأَحفَظ حَديثَ الهَوى طاهِرا
لَعَلَّكَ تَعرِفُ سِرَّ الغَرامِ
فَتُصبِحَ لِلمُبتَلى عاذِرا
وَتَعشَقَ بَدرَكَ عِشقي البُدورَ
وَتَرجِعَ مِثلي بِهِم حائِرا
فَلا تَبعَث الفَجرَ قَبلَ العِشاءِ
وَلا تُتبِع الأَوَّلَ الآخِرا
فَكَم في حَواشيكَ مِن طائِرٍ
تُمِضُّ بِهِ قَلبِيَ الطائِرا
وَيَكسِرُ صُبحُكَ لي عَينَهُ
فَيا لَيلُ دُمتَ لَهُ كاسِرا
وَكَم لَكَ عِندَ اِمرِئٍ مِن يَدٍ
كَلَونِكَ يَغشى الأَسى الخاطِرا
نُصَدِّقُ في ذَمِّكَ المانَوِيَّ
وَإِن كانَ في قَولِهِ كافِرا
أَسِرّاً بِأَمرٍ بِهِ موبِقاً
يُقيمُ الصَباحُ بِهِ سافِرا
وَما بَتَّ إِلّا عَلى رِيبَةٍ
نَغُضُّ حَياءً لَها الناظِرا
فَلَو لَم يُغَسِّلكَ مِنّا الصَباحُ
لَما كُنتَ مِن نَجَسٍ طاهِرا
وَلَولا جِلاءُ مُحَيّا الأَجَلِّ
مُحَيّاكَ دامَ كَذا باسِرا
أَعادَكَ يَومَ يُثيرُ العَجاجَ
بِرَكضٍ بِهِ سَكَّنَ الثائِرا
وَرَدَّ إِلَيكَ بِرَغمِ الصَبا
حِ أُفقَكَ مِن سُمرِهِ ظاهِرا
وَضَربٍ لَهُ ناجِرٍ قَد أَعادَ
بِشَهرَي قُماحٍ لَنا ناجِرا
فَجِسمٌ تَراهُ بِهِ واقِعاً
وَهامٌ تَراهُ بِهِ طائِراً
وَيَجنُبُ ريحُ العِنانِ الدُبورَ
فَيُحدِثُ ما يَقطَعُ الدابِرا
وَكَم حَرَّكَت ساكِناً لِلغُبارِ
فَسَكَّن مِن تَحتِهِ غابِرا
وَيَجبُرُ ناهِضُ هِمّاتِهِ
لَكَ المَجدُ ذا الزَمَنَ الفاتِرا
فَدُمتَ عَلى خَيرِهِ آمِراً
وَدُمتَ عَلى شَرِّهِ آمِرا
لَقَد نَصَرَ اللَهُ دينَ الهُدى
بِأَن نَصَرَ المَلِكَ الناصِرا
فَلَسنا نَخافُ عَلى غابِهِ
إِذا كنَ في غابِهِ خادِرا
وَمَن عَدَّ مِنهُ الحَيا ثانِياً
فَلَستُ أَراهُ لَهُ عاشِرا
فَلا تَتَجَشَّم سُؤالاً لَهُ
سَيَكفيكَهُ بادِئاً بادِرا
أَيَحتاجُ عُشبُ الدُجى زارِعاً
لَهُ وَقَليبُ السَما حافِرا
فَلا تَستَمِر غَيرَ إِحسانِهِ
وَإِلّا فَمُت ظامِئاً ضامِرا
فَمَن يَستَمِر مِن أَكُفِّ اللِئامِ
يَعِش دَهرَهُ ما يرى مَائِرا
وَمَن حَطَّ أَقدارَ سُؤَّالِهِ
فَما زِلتُ سائِلَهُ الفاخِرا
إِذا سَأَلوا مانِعاً عاجِزاً
سَأَلتُ بِهِ باذِلاً قادِرا
فَأَوفى عَلى قَولِهِم أَوَّلاً
وَأَوفى عَلى قَولِهِ آخِرا
رَأى الناسُ هِجرَةَ مَملوكِهِ
فَلا يَنظُروهُ لَهُ هاجِرا
وَجودُكَ أَشعَرُ مِن شِعرِهِ
فَلا عَدِمَ الشاعِرُ الشاعِرا
وَهَذي المَآثِرُ لَولا القَريضُ
لَما كُنتَ تَلقى لَها آثَرا
وَلَمّا جَلا البِشرُ مِن وَجهِهِ
لَنا القَمَرَ المُصبِحَ الزاهِرا
رَأَيتُ زَماني مَضى كُلُّهُ
سُرىً جاءَ بي هَكَذا ضامِرا
وَلَو لَم أَرِد وَجهَهُ ما ظَفِرتُ
بِصُبحٍ أُطالِعُهُ نائِرا
وَلي حاسِدٌ أَنتَ أَربَحتَهُ
وَأَنتَ تُصَيِّرُهُ خاسِرا
وَقَد ساءَ في الجِدِّ تَوسيعُهُ
يُكَرِّرُ أَقوالَهُ ماكِرا
وَكَم قَد خَلا بِشَياطينِهِ
فَأَجرى الحَديثَ بِنا فاجِرا
وَذَكَّرَ بي فَمَ صَرفِ الزَمانِ
فَأَغرى بِلَحمي فَماً فاغِرا
وَقَد نَظَرَ اللَهُ لِلمُسلِمينَ
بِأَن كُنتَ في أَمرِهِم ناظِرا
وَلَم أَلحَهُم أَن يَجوروا عَلَيَّ
وَلَو ذاكَ كُنتُ لَهُم عاذِرا
فَما جارَ مَن جارَ في حُكمِهِ
وَلَكِنَّ مَن أَلجَأَ الجائِرا
وَما أَتَّقي أَن زيفاً يَمُرُّ
بِنَقدِكَ إِلّا بَدا ظاهِرا