هكذا يدرك في الدنيا الكمال

التفعيلة : بحر الرمل

هكذا يدرك في الدنيا الكمال

هكذا في موتها تحيا الرجال

هكذا يشرف موت المبتغي

شرفاً ليس إذا ريم ينال

من كعبد المحسن الشهم الذي

حفّه بالموت عزّ وجلال

ما بعبد المحسن السعدون إذ

رام قتل النفس مسّ وخبال

بل رأى أوطانه يرهقها

من بني الغرب انتداب واحتلال

فانتضى الهمّة كي ينقذها

كانتضاء السيف ما فيه كلال

مارس الأحوال حتى إنه

شاب في إصلاحها منه القذال

أعمل الرأي وقد جادله

فيه بعض القوم واشتدّ الجدال

خذلوه فاغتدت آراؤه

كسهام كسرت منها النصال

كم غدا ينصحهم حتى إذا

راء أن الداء في القوم عضال

ورأى أن الذي يرجوه من

طلب استقلالهم شيء محال

جاد للأوطان منه بدم

لسوى أوطانه ليس يُسال

والفتى الحرّ له في موته

سعةٌ إن ضاق بالنفس المجال

إنه لما أرادت نفسه

ميتة حمراء ما فيها اعتلال

ميتة الأبطال فيها شمم

طأطأت من دونه الشمّ الجبال

نال بالموت حياة ما لها

أبد الدهر فناءٌ وزوال

هو حيّ أبد الدهر فما

ضرهّ من هذه الدنيا انتقال

ان يكن قد زايل القوم فما

لمساعيه عن القوم زيال

أو يكن عن أعين القوم اختفى

فله في أنفس القوم خيال

وإذا التأريخ أجرى ذكره

أخذ التأريخ بالفجر اختيال

فاندبوا يا قوم منه بطلا

هو للأبطال حسن وجمال

وأقيموا عالياً تمثاله

فهو للأوطان عزّ وجلال

واقصدوا مرقده حجاً فلا

غروَ أن شدّت لمثواه الرحال

واتركوا الغرب وأهليه ولا

تسمعوا منهم إلى ما قد يقال

وعلى أنفسكم فاتّكلوا

خاب من فيه على الغير اتّكال

فالمواعيد التي قد وعدوا

كلها منهم خداع واحتيال

كلما قال لنا ساستهم

نقضت أقوالهم منهم فعال

هكذا كونوا وإلا فاعلموا

أنما استقلالكم شيء محال


نوع المنشور:

شارك على :

المنشور السابق

مضى عبد وهاب الهبات لربه

المنشور التالي

شب الأسى في قلوب الشعب مستعرا

اقرأ أيضاً

قلم

جسَّ الطبيبُ خافقي وقالَ لي : هلْ ها هُنا الألَمْ ؟ قُلتُ له: نعَمْ فَشقَّ بالمِشرَطِ جيبَ معطَفي…