سَرى ولثامُ الصُّبحِ قد كاد يَنحَطُّ
خَيالٌ تَسدَّى القاعَ والحيُّ قد شَطُّوا
وزار وقد نَدَّى النّسيمُ حُلِيَّهُ
فبات يُباري الثَّغْرَ في بَرْدِه السِمط
وما عَطّرتْ نجداً صَباها وإنّما
سَرى وهْو مَجرورٌ على إثْره المِرط
هو البدرُ وافَى والثُّريّا كأنّها
على الأُفْقِ مُلقىً منه من عَجَلٍ قُرْط
من البيضِ يَهْدي الركبَ باللّيلِ وجْهُها
إذا ضلّ مثْلي في غدائِرها المُشط
تَراكَ بعَينَيها المَهاةُ إذا رنَتْ
ويُعطيك ليتَيْها الغزالُ الّذي يَعْطو
عَقيلَةُ رَهْطٍ لو أَخلَّتْ برَهْطِها
كفاها بأنّ العاشِقينَ لها رَهْط
يَحُفُّ بها من سِرِّ قَيْسٍ فَوارسٌ
تَخُبُّ بهمْ خَيلٌ لوجْهِ الفلا تَغْطو
إذا ما تَثَنّتْ والقنا مُحدِقٌ بها
تَرى الخُوطَ في أثناء ما يُنبِتُ الخَطّ
هُمُ يومَ زَمُّوا للفراقِ رِكابَهم
رَمونا بسَهْمٍ في القلوبِ فلم يُخْطوا
وساروا بأفلاكٍ من العيسِ فوقها
كواكبُ إلاّ أنّ أبراجَها الغُبط
وألْوتْ بَصبري يومَ ولَّتْ غَريرةٌ
تُحكَّمُ في نَفْسِ المُعنّى فتَشْتَطّ
فَرشْتُ لها خَدّي لتَخْطو كرامةً
عليه فلم تَمْلِكْ من التِّيهِ أن تَخْطو
وعُدْتُ ولي سِلْكٌ من الجِسمِ ناحلٌ
عليهِ لِدُرِّ الدَّمعِ من مُقْلتي خَرْط
يَبُلُّ البُكا خَدّي وفي القلبِ غُلَّتي
وكم سُقِيتْ أَرضٌ وفي غَيرِها القَحْط
فلا زال من دَمعِ الغوادي على اللِّوى
سُقيطٌ يُحلَّى منه باللُّؤْلُؤ السِّقْط
مَعارِفُ أشباهُ الصّحائفِ وُضَّحٌ
لأيدي البِلَى في كُلِّ رَسْمٍ لها خَطّ
حكَى النُّؤْىُ منها مَشْقَ بعضِ حُروفِه
ويحكي الأثافي السُّودَ من بَعْضِها النَّقْط
وعَهدي برَبْعِ العامريّةِ مَرّةً
وَرَكْبُ الهوَى منّا بِواديهِ يُحْتَطّ
وشَرْطُ اللّيالي أن يَفينَ لأَهْلِه
وتَأْبَى اللّيالي أن يَصِحَّ لها شَرط
فآهاً على تلك العُهودِ الّتي مضَتْ
لقد دُرسَتْ حتّى كأنْ لم تَكُنْ قَطّ
كذا الدّهرُ إنّ تَكشِفْ حقيقةَ خُلْقِه
تَجِدْ لا الرِّضا منه يَدومُ ولا السُّخْط
ولا تَضَعُ الأَيّامُ شيئاً مكانَه
ولكنّها العَشْواءُ سِيرتُها الخَبط
وزائرةٍ لِلَّيلِ قُرْبٌ بشَخْصِها
إليَّ وللفجرِ المُنيرِ بها شَحْط
كأنّ الدُّجى منّي شبابٌ لِمَيْلها
إليَّ به والصُّبحَ في طَرْدِها وَخْط
سرَى من أعالي الرَّقمتَيْنِ خَيالُها
وقد حان من عُقْلِ النُّجومِ بها نَشط
ونحن على الأكوارِ مِيلٌ من السُرَى
بِوادي الخُزامى والمَطيُّ بنا تَمْطو
ركائبُ أبقَى الوَخْدُ منهنَّ في الفلا
شَبيهاً بما أَوهَى من الأَنسُعِ المَغْط
فللّهِ من عِيسٍ بَرَى السّيْرُ نَحْضَها
نَجاءً كما الوَى بأنساعِها المَعْط
رفَعْنا لإدراكِ المعالي رِحالَنا
ومادونَ لُقيانِ الأميرِ لها حَطّ
فزُرْنا ظهيرَ الدينِ وابنَ قِوامِه
وكُلُّ وَساعٍ من نَجائِبنا تَعْطو
لقد ضَمَّ أشتاتَ المحامدِ ماجدٌ
يَداهُ يدٌ تَسخو ندى وَيدٌ تَسطو
فتىً ظلَّ يزْهَى السيّفُ والسَّيبُ أنه
يَخُصُّهما من كفِّه القَبضُ والبَسْط
يُميتُ ويُحيي في الوَرى غيرَ أنّه
عطاياهُ دَأْبٌ وانتِقاماتُه فُرط
بيمناهُ ضَبْطٌ للممالكِ كُلّها
وليس لأَدنَى ما يَجودُ به ضَبْط
له قلمٌ يَقتَصُّ من أَرؤسِ العدا
بما قد جنَى في رأسهِ الثَّقُّ والقَطّ
وَينطِقُ عن مَكنونِ قَلْبٍ إذا ارتأَى
فما لِسُتورِ الغَيْبِ من دونه لَطّ
ويَحلو الوغَى والعاسِلاتُ أساوِدٌ
لها في سُوَيْداواتِ أبطالِها بَسط
وللدّمِ من نَحْرِ الكَمّيِ صَوائكٌ
من النّضْحِ حَيّاتُ الرّماح بها رُقْط
تَثَنّى العَوالي كَالقُدودِ نَواعِماً
بِحَيثُ الحَنايا كَالحَواجِبِ تَمتَطُّ
سَمَت بِوَجيهِ المُلكِ في المَجدِ رُتبَةٌ
إِذا ما تَعلى الحاسِدونَ لَها اِنحَطّوا
وَهَل مِن فَتىً جَعدٍ سِواهُ مِنَ الوَرى
تَجودُ عَلى العِلّاتِ مِنهُ يَدٌ سَبطُ
فَقابَلَ أَطرافَ العُلا في أَماثِلٍ
لَهُ حينَ يَعزى مِن بُيوتِهِمُ الوَسطُ
مَقاديمُ يَعتَمّوانَ بِالبيضِ نَجدَةً
فَأَرؤُسُهُم عَصرَ الشَبابِ بِها شُمطُ
إِذا ما لَهُم لَم يُستَبَح يَومَ جودِهِم
فَيُؤخَذُ ما اِعتَدّوا سَماحاً بَأَن يُعطوا
هُمُ القَومُ إِن يُدعَوا إِلى العَفوِ أَسرَعوا
كَراماً وَإِن يُدعَوا لِيَنتَقِموا يُبطوا
فَلا زالَ مِن عَينِ الحَسودِ لِمَجدِكُم
يَسيلُ وَمِن نَحرِ العَدُوِّ دَمٌ عَبطُ
وَما أَنا إِلّا عَبدُ نِعمَتِكَ الَّذي
لِمَيسَمِها البادي بِصَفحَتِهِ عَلطُ
وَذاكِرُ عَهدٍ مِنكَ إِذ أَنا أَغتَدي
وَبِالقَومِ لي في ظِلِّ دَولَتِكُم غُبطُ
وَطيبُ لَيالٍ كَالجِنانِ اِفتَقدتُها
كَآدَمَ مِنها حينَ أَدرَكَهُ الهَبطُ
فَإِن كانَ تاجُ المُلكِ مانِعَ جانِبي
مِنَ الدَهرِ أَن يَلقاهُ مِن صَرفِهِ ضَغطُ
وَأَيُّ فَتىً مِنهُ تَذَكَّرتُ أَصبَحَت
عَلَيهِ جُيوبُ الصَبرِ لي وَهيَ تَنعَطُّ
فَلا يَتَمَنّوا سَلوَتي بَعدَ مَوتِهِ
فَما هِيَ إِلّا في رَمائِمِهِ خَلطُ
فَإِن تَكُنِ الأَيّامُ جارَت بِفَقدِهِ
فَقُل في اللَيالي أَيُّ أَفعالِها قِسطُ
وَلَكِن إِذا عاشَ الهُماُمُ مُحَمَّدٌ
فَفيهِ لَنا من نَيلِ كُلِّ مُنىً قِسطُ
وَبَينَ جُفونِ الحاسِدينَ بِلَحظِهِ
قَتادَةُ غَيظٍ لا يُطالقُ لَها خَرطُ
فَقُل لِعَدُوٍّ ذاقَ سَورَةً بِأَسِهِ
رُوَيدَكَ إِنَّ النارَ أَوَّلُها سَقطُ
فأَرعِ رعاكَ اللهُ سَمْعَك عِذْرةً
ضعيفةَ وَقْعِ القولِ أسهُمُها مُرط
وما هو إلاّ أن تَعُمَّ جَرائمي
بصَفْحِ كما أنحَى على الوَرَقِ الخَبْط
فدام على الرّاجينَ مُلكُك إنّهُم
غَدوْا وبه من عَيْنِ دَهرهمُ غُطّوا
ولا زالَ مَمدوداً عليك رِواقُها
سَماءً بغَيْمٍ لا يُتاحُ لها كَشْط
لضَيفِ النّدَى يُمسي بأَفنائِكَ القِرَى
وخَيْلِ العُلا يُضْحِي بأبوابك الربط
تَقاسَمُ أفعالَ المكارِمِ كَفُّه
فكلٌّ له قسْمٌ وكلٌ له قِسط
وخُذْها تَهزُّ العِطفَ منكَ تَطرُّباً
كما شُعشِعَتْ للشَّربِ صَهباءُ إسْفَنْط
هيَ الدُّرُّ منثوراً وغايةُ فَخْرهِ
بسَمعكِ يوماً أن يكونَ له لَقْط