أخا الانس هل أبصرت صبا مولعا
يجيب نداء الشوق مثلي إذا دعا
وهل عاينت عيناك قلبا هيامه
يحن لفقد الألف وجدا إذا وعى
تجاوبني الورقا أصيلا وغدوة
إذا سمعت مني حنينا مسجعا
ولما دعاني البين صبرا أجبته
ولبيته لما دعاني تطوّعا
وحققت أن الصبر للصب شيمة
فعاقبني شوقي وقلبي تمنعا
بني الود رفقا في فتى ذي صبابة
فيكفيه من كاس النوى ما تجرعا
خليليّ من فيحاء وادي معذبي
أديرا على سمعي الحديث واسمعا
ولا تذكر نجدا ولا بارق اللوى
سوى دارة الفيحاء يا صاحبي دعا
ولا تذكرا ليلى ولا قيس عامر
ولا تذكر الخنساء ولا صخرها معا
بلى فاذكرا من حل في لاذقية
بقوم كرام لا يلام الذي سعى
أناس حكوا زهر النجوم وصاحبي
بموكبهم بدر فيا سعد من رعى
لقد طاب مغناه البهيج ودوحها
ووجه الصبا في جانبيها تمرتعا
وهبّت نسيمات الصفاء بعرفها
تصافح زهرا بالرياض تنوعا
سقى اللَه ذاك الحي صوب مسرة
وحيى صحاريه السحاب توسعا
غدا في حماه ابن الغريّب ساكنا
هنيئا لذاك الحي اخصب مربعا
فريد تسامى في مآثرها التي
بمفردها جمع الكمال تجمّعا
نديمٌ يحاكي لفظه رقة الصبا
وفي روضه غصن البراعة أينعا
نديمي لا تذكر أياساً لأنني
علمت بأن اليأس اذكى وأبرعا
رضيع لبان الفهم حبر مودب
بمربع فضل قد نشا وترعرعا
فمنزله قلبي وعهد وداده
بطيّ فؤادي كامن ما تضعضعا
ألا ربّ يوم زارني خطه الذي
كثغر حبيب بالرضاب تلمّعا
ضمت لما ضمّ المحب حبيبه
كتاب حبيبي ثم قبّلت أربعا
فهمت به كما فهمت خطابه
وكررته رجعا لشوقي ترجعا
فلله كم أهدي إليّ معانيا
تفوق على الدر الثمين ترفعا
اساطير أداب تضمّن جوهرا
بأسودها المسبج عقدا مرصعا
وقبلت محياه الشهي مصافحا
فطاب نسيم من شذاه تضوّعا
لقد كنت قبلا ذا التياع لبعده
فاشفى التياعي حين وافى واسرعا
فغازلني الحب المقيم وعهده
وناولني كاس المسرة مترعا
أخا المدح أني قانع في كتابكم
ورب كتاب جاء يشفي التلوعا
فلا تهجرن صبّا لغيرك ما صبا
ولا تنس مضنى بالسوى ما تولعا