أشكو إلى اللَّه ما قاسيتُ من رَمَدٍ
مواصلٍ كَرْبَ آصالي بأسْحَاري
كأنّ حَشْوَ جفوني عند سَوْرَتِهِ
جيشٌ منَ النَّملِ في جُنحِ الدُّجى ساري
كأنّه للقَذَى والدمعِ في وَحِلٍ
فَخَلْعُهُ أَرجُلاً مِنهُ بِإِضرارِ
كَأَنَّ أَوجاعَ قَلبي من مُطاعَنَةٍ
بِالشَّوكِ ما بَينَ أَشفاري وأَشفاري
كَأَنَّما لُجَّةٌ في العَينِ زاخِرةٌ
تَرمي سَواحِلَ جَفنَيها بِعُوّارِ
تُفَجِّرُ الماءَ مِنها كُلَّما وَضَعَتْ
لِهَجعَةٍ مِنهُما ناراً على نارِ
كم ليلةٍ بتُّ صفراً من كرايَ بها
ومن مَخيلةِ صُبْحٍ ذاتِ إسفارِ
إذ باتَ جفني رضيعَ ابني يقاسمُهُ
لُبانَ أسحَمَ يَغذوهُ بِمِقدارِ
في حَلْقَةٍ مِن ظَلامٍ لا تَرى طَرَفاً
يَبدو بها من سَنا صُبْحٍ لأَبصارِ
كَأَنَّما الشَّرقُ دِهْقَانٌ يَرى غَبناً
في دَفعِهِ مِنهُما الكافورَ بِالقارِ
كَأَنَّما الشَّمسُ قد رُدَّتْ إلى فَلَكٍ
على الخلائقِ ثَبْتٍ غيرِ دَوّارِ
كَأَنَّما اللَّيلُ ذو جَهلٍ فَلَيسَ يَرَى
في دِرهَمِ البَدْرِ مِنها أَخْذَ دينارِ
يشكو لجفنيَ جفني مثلَ عِلّتِهِ
كَالضَّيمِ يُقْسَمُ بينَ الجارِ والجارِ
فالحَمدُ للَّه مَجرى النورِ من غَسَقٍ
وجاعلِ اللَّيلِ في تَلطيفِ أَحجارِ
كَم أبعدَ النَّاسُ في أَمرٍ ظنونَهُمُ
فكان دائي قريبَ البُرْءِ بالباري