قَصَّرَ عَن سَعيِكَ الأُلى جَهَدوا
فَاِفخَر بِحَمدٍ ما نالَهُ أَحَدُ
طالَت بِكَ العالَمينَ أَربَعَةٌ
عَزمٌ وَحَزمٌ وَنائِلٌ وَيَدُ
وَأَنزَلَتكَ السُيوفُ مَنزِلَةً
طالَ عَلى مَن يَرومُها الأَمَدُ
كُنتَ أَبا عُذرِها وَذاكَ بِما
أَقدَمتَ وَالمَوتُ دونَها رَصَدُ
فَما سَعى نَحوَها أَمامَكَ إِن
سانٌ وَقَد سُدَّ خَلفَكَ الجَدَدُ
يَقرُبُ مِن عَزمِكَ البَعيدُ مِنَ ال
عِزِّ وَيَنأى عَن رَأيِكَ الفَنَدُ
في كُلِّ يَومٍ لَقيتَ فيهِ عِدىً
دَمٌ مُراقٌ وَمُرتَقىً صَعَدُ
وَمُنذُ بَوَّأتَهُم رِضاكَ نَسوا
مَن أَقصَدَتهُ الظُبى بِمَن قَصَدوا
حَكَمتَ حُكمَ الأَعَزِّ مُقتَدِراً
فَالقَتلُ فيهِم وَمِنهُمُ القَوَدُ
هَوَّنَ وِجدانُهُم نَداكَ لَهُم
عَوناً عَلى الدَهرِ فَقدَ مَن فَقَدوا
عَقَلتَهُم بِالجَميلِ فَاِنعَقَلوا
رُبَّ عُناةٍ أَصفادُها الصَفَدُ
تَقارَبَ الخَلقُ في خَلائِقِهِم
وَأَنتَ بِالمُعجِزاتِ مُنفَرِدُ
وَأَينَ مِنكَ الوَرى وَما وَلَدَت
لَكَ اللَيالي مِثلاً وَلا تَلِدُ
إِن كانَ ذا المُلكُ نيلَ مُطَّرَفاً
فَإِنَّ هَذا العَلاءَ مُتَّلَدُ
قَعَدتَ وَالقَومُ قائِمونَ كَما
قُمتَ بِصَرفِ الخُطوبِ إِذ قَعَدوا
فَلتَعلُ بيضُ السُيوفِ صاعِدَةً
أَنَّكَ مِنها وَتَفخَرِ العُدَدُ
نَهَضتَ يا عُدَّةَ الخَلائِفِ بِال
أَعباءِ إِذ خانَ غَيرَكَ الجَلَدُ
مُبَيِّناً أَنَّ رَأيَ حاكِمِهِم
مِمّا أَراهُ المُهَيمِنُ الصَمَدُ
أَيقَنَ يَومَ اِصطَفاكَ مُنتَجِباً
أَنَّكَ لِاِبنِ اِبنِهِ غَداً عَضُدُ
بايَعَ جَدّاً عَلى هَواكَ أَبٌ
وَقَد تَلا الآنَ والِداً وَلَدُ
لا تَخشَ مِن حاسِديكَ بائِقَةً
ذَلَّت أَعادٍ سِلاحُها الحَسَدُ
فَلَن يَحُلَّ الأَنامُ ما عَقَدَت
يَداكَ ما دامَ في القَنا عُقَدُ
أَضحَت مَطايا المُنى بِأَجمَعِها
إِلَيكَ مِن كُلِّ وِجهَةٍ تَخِدُ
حَيثُ يَحُطُّ الرَجاءُ أَرحُلَهُ
مَكارِمٌ لَم يُحِط بِها عَدَدُ
وَلَو دَعَوتَ المُلوكَ قاطِبَةً
لَأَصبَحَت دونَ رُسلِها تَفِدُ
أَمالَ أَعناقَها الخُضوعُ لِما
تَعرِفُهُ مِن سُطاكَ لا الصَيَدُ
لا يَدَّعوا النُصحَ بِاِعتِرافِهِمُ
لَو وَجَدوا الجَحدَ مُمكِناً جَحَدوا
وَكَيفَ يَعصونَ حينَ يَأمُرُهُم
مَلكٌ إِذا عَنَّ ذِكرُهُ سَجَدوا
يُربي عَلى الغَيثِ حينَ يَقتَصِدُ
وَيَسبِقُ الرِيحَ وَهوَ مُتَّئِدُ
مَنِ اِستَوى في وَغىً وَفي قَنصٍ
بِناظِرَيهِ الطِرادُ وَالطَرَدُ
وَجادَ حَتّى اِنبَرَت مَواهِبُهُ
تَطلُبُ ذا فاقَةٍ فَما تَجِدُ
وَلَن يُساوُوهُ في العُلى أَبَداً
هَل يَتَساوى الصَريحُ وَالزَبَدُ
تِسعَةُ أَعشارِها اِستَبَدَّ بِها
وَعُشرُها في بَني الدُنى بَدَدُ
مُبادِرُ البَطشِ وَالنَوالِ فَما
يوعِدُ ذا زَلَّةٍ وَلا يَعِدُ
قَد قَطَبَ البِشرَ بِالقُطوبِ كَذا ال
صارِمُ فيهِ الفِرِندُ وَالرُبَدُ
أَعجِب بِنَفسٍ ضاقَ الزَمانُ بِها
مِن عِظَمٍ كَيفَ حازَها الجَسَدُ
مَلَكتَ رِقَّ الفَخارِ ما مَلَكَت
عَدنانُ مِعشارَهُ وَلا أُدَدُ
خَلَفتَ أَجوادَهُم كَما خَلَفَ ال
ناعِقَ بِالبَينِ مُطرِبٌ غَرِدُ
وَنُبتَ عَمَّن فَشَت شَجاعَتُهُ
نِيابَةَ البيضِ وَالقَنا قِصَدُ
فَلَو رَآكَ المُقَرِّظونَ لَهُم
عادوا يَذُمّونَ كُلَّ مَن حَمِدوا
قَد نُصِرَت دَولَةٌ بِكَ اِعتَضَدَت
وَعَزَّ دينٌ عَلَيكَ يَعتَمِدُ
عَزمُكَ سَيفٌ لَدَيهِ مُنصَلِتٌ
وَأَنتَ تاجٌ عَلَيهِ مُنعَقِدُ
وَقَد أَبَحتَ المُلوكَ أَمنَهُمُ
مِنَ الرَدى ما عَتَوا وَما عَنَدوا
فَفي عِدادِ الجَرادِ تَبعَثُها
جُرداً بِأُسدِ اللِقاءِ تَنجَرِدُ
كَم وارَدوكَ الرَدى فَما صَدَروا
عَنهُ وَلَكِن رُدّوا كَما وَرَدوا
ظُبىً تَقُدُّ الطُلى تُؤَيِّدُها
عَزائِمٌ في دُجى الوَغى تَقِدُ
وَهِمَّةٌ في السَماءِ مَسكَنُها
لِذاكَ سُكّانُها لَها مَدَدُ
شَمِّر لِأَرضِ العِراقِ إِنَّ بِها
جَمائِعاً في الحَياةِ قَد زَهِدوا
تَلقَ قُلوباً إِلَيكَ طائِرَةً
شَوقاً وَأُخرى أَطارَها الزَأَدُ
وَاِندُب لَها فِتيَةً عَمائِمُها
بَيضٌ تَلالا وَقُمصُها زَرَدُ
حَشوَ جُيوشٍ إِذا اِنتَحَت بَلَداً
فَقائِداها النَجاحُ وَالرَشَدُ
تَشتَبِهُ الدُهمُ وَالوِرادُ بِها
لَمّا كَساها العَجاجُ وَالنَجَدُ
فَما بِبَغدادَ مَن يُرَوِّعُها
حَتّى يَروعَ الضَراغِمَ النَقَدُ
فَثَمَّ مُلكٌ مالَت دَعائِمُهُ
وَعَن قَليلٍ إِلَيكَ يَستَنِدُ
لَنا بِذا الظِلِّ لا اِنطَوى أَبَداً
دَرٌّ غَزيرٌ وَعيشَةٌ رَغَدُ
بَهجَةُ أَعيادِنا بَقاؤُكَ مَح
روساً فَبُقّيتَ ما بَقيَ الأَبَدُ
بِذا دَعا المُحرِمونَ مُذ نَزَلوا
مَكَّةَ في كُلِّ مَشهَدٍ شَهِدوا
قَد سَمِعَ اللَهُ فَاِستَجابَ لَهُم
دُعاءَهُم وَالمَقامُ مُحتَشِدُ
ما بَلَغَ الحَمدُ كَنهَ ما أَنتَ مو
ليهِ مِنَ العُرفِ وَهوَ مُجتَهِدُ
أَعيَيتَني بِالنَوالِ عَنهُ وَما
تُغِبُّني مِنكَ أَنعُمٌ جُدُدُ
جادَت بِفَوقِ الغِنى وَها هِيَ لا
تُقلِعُ فَهيَ الطَوارِفُ التُلُدُ
لا يَحسَبِ الحاسِدِيَّ أَنَّهُمُ
بِأَنَّني عَنكَ نازِحٌ سَعِدوا
بُعدي دُنُوٌّ بِما أُحَبِّرُهُ
فيكَ وَغَيري دُنُوُّهُ بَعَدُ
وَإِنَّما أَنظِمُ الفَريدَ كَذا
عِقداً لِذا الجيدِ حينَ أَنفَرِدُ
بَحري مِنَ الشِعرِ زاخِرٌ وَبِهِ
جَواهِرٌ بِالعُقولِ تُنتَقَدُ
فَاِسمَع لِغُرٍّ مِنَ المَحامِدِ لا
يَفوتُها في مَسيرِها بَلَدُ
مُقيمَةٍ في البِلادِ ظاعِنَةٍ
مَعقولَةٍ وَهيَ في الدُنا شُرُدُ
تَفنى الأَحاديثُ وَهيَ باقِيَةٌ
وَتَنطَوي قَبلَ طَيِّها المُدَدُ
لا بَلَغَت سُؤلَها عِداكَ وَلا
زالَ بِها أَو يُميتَها الحَسَدُ
وَعِشتَ ما أَعقَبَ النَهارُ دُجىً
وَدامَ لِليَومِ في الزَمانِ غَدُ