إِنَّ الفَريقَ مُذِ اِستَقَلَّ مُغَرِّبا
لَم يُبقِ لي في طيبِ عَيشٍ مَرغَبا
لَمّا تَحَمَّلَ لِلرَحيلِ حَسِبتُهُ
مِن كَثرَةِ الظَبَياتِ فيهِ رَبرَبا
وَبِمُهجَتي تِلكَ البُدورُ عَشِيَّةً
إِذ نَكَّبَت أَكنافَ غُرَّبَ غُرَّبا
وَعَلى المَطايا مِن ذُؤَابَةِ عامِرٍ
وَجهٌ يَروقُكَ سافِراً وَمُنَقَّبا
ذو صَفحَةٍ لَو لَم يُصافِح نارَها
ماءُ الشَبابِ لَخِفتُ أَن تَتَلَهَّبا
يا غُرَّةَ الحَيِّ اللَقاحِ أَواجِبٌ
أَن تَزهَدي زُهدَ المَلولِ وَأَرغَبا
أَفدي بِأَنفَسِ ما أُدافِعُ عَنهُ مَن
قَطَعَ الحَياةَ تَعَنُّتاً وَتَعَتُّبا
ما كُنتُ قِدماً ذا نَصيبٍ في الهَوى
فَجَعَلتِ لي مِنهُ النَصيبَ المُنصِبا
أَصلَيتِني بِالهَجرِ ناراً ما خَبَت
فَعَلِمتُ أَنَّ هَواكِ زَندٌ ماكَبا
وَأَمَرتِني أَلّا أَمُرَّ بِدارِكُم
فَمَتى مَرَرتُ بِها مَرَتُ مُجَنِّبا
خِفتِ الرَقيبَ وَلَو وَصَلتِ أَمِنتِهِ
وَنَهَيتِ دَمعَ العَينِ أَن يَتَصَوَّبا
وَسَنَنتِ لي أَن لا يَبوحَ مُحَدِّثاً
أَأَمِنتِ أَن يُملي الصُدودُ فَيَكتُبا
لا تَمزُجي صَفوَ الوِدادِ بِجِفوَةٍ
ما الماءُ مُحتاجٌ إِلى أَن يُقطَبا
ما لِلخَيالِ الطارِقِ مُستَرسِلاً
قَد صارَ يَطرُقُ خائِفاً مُتَرَقِّبا
هَل خافَ مِن عَدواكِ حينَ أَمَرتِهِ
أَن لا يُلِمَّ تَجَنِّياً وَتَجَنُّبا
لا تَردَعيهِ عَنِ المَزارِ فَإِنَّهُ
لَو لَم يَزُر شَوقاً لَزارَ تَطَرُّبا
كَم أَشتَكي الإِعراضَ ظَنّاً أَنَّني
أُشكى وَأَعتُبُ آمِلاً أَن أُعتَبا