دوعدت ولم تف لي بذاك الموعد

التفعيلة : البحر الكامل

وعدَتْ ولم تفِ لي بذاك الموعدِ

فغَدا الغرام غريمَ قلبي المُكمَدِ

هيفاءٌ أُرضيها وتُسخِطُني وقد

طاوعْتُها وعصَيْتُ كلّ مفنّدِ

يا دمعَ عيني زِدْ ولا تنقُصْ ويا

نارَ الأسى بين الحشا لا تخمُدي

بكرت مؤنّبَتي تلومُ على الهوى

وتروح جاهلةً عليّ وتغتدي

ظنّت بأن اللومَ يصلحني وما

علمَتْ بأن اللومَ فيها مفسدي

تاللهِ لا حاولتُ عنها سلوةً

وإذا انتهيتُ الى النهاية أبتدي

الهجر شرّد نومَ عيني في الهوى

وأذلَّ مع عزّي جنودُ تجلّدي

ويلاهُ من رشأٍ غريرٍ أغيدٍ

أربى على حورِ الحِسانِ النُهّدِ

أشكو أبكي وهو يضحكُ لاهياً

عني ويرثي لي ويبكي حُسّدي

لا تغرُرَنكَ رقّةٌ في خدّه

فالقلبُ منه قد قسا كالجَلْمَدِ

الصدق شيمتهُ ولكن لم يزلْ

في الحبّ يكذبُ مخلِفاً للموعدِ

مالي إذا أبرمتُ عنه سلوةً

في النومِ أنقضُها برغمي في غَدِ

بالله ربّك قلْ له يا عاذلي

زِدْ عزّةً في الحبّ ذُلاً أزدَدِ

أنا قد رضيتُ بأنْ أكونَ مدلّهاً

في حبّه فعلامَ أنت مفنّدي

يا طالبَ النيران دونكَ فاقتبِسْ

من نارِ قلبي المستهامِ المُكمَدِ

يا صادياً هذي دُموعي أصبحتْ

تنهلُّ من جَفنَيْ دونَكَها رِدِ

قد كان دمعي أبيضاً قبلَ النّوى

فاليومَ أصبح أحمراً كالعسجَدِ

أقررتُ أني عبدُه فتيقّنوا

ثم اشهدوا هو سيّدي هو سيدي

فله الجمالُ كما الفخارُ بأسره

متجمّعٌ في الحافظِ بن محمدِ

فخرُ الأئمة أحمدُ المحمودُ مَنْ

فاقَ البريّة بالنّدى والسؤددِ

زُرْهُ تزُرْ أزكى البريّة عنصُراً

متودّداً ناهيكَ من متودّد

متيقظٌ فطنٌ أغرُّ مهذبٌ

جمُّ العطايا صادقٌ في الموعدِ

فاقَ الورى فعَلا عُلوّ الفرقدِ

حتى لقد سمّوهُ سعدَ الأسعُدِ

يُعطيكَ عند سؤاله متبسّماً

وإذا امتنعتَ ولم تسلْهُ يَبتدي

وإذا ادلهمّ الخطبُ يوماً في الورى

لا تعدلَنْ عن رأيه المتوقّد

شهدتْ له الأعداءُ أجمعُ أنه

علمٌ ومَن هذا الذي لم يشهدِ

ما زال يرغبُ في الثوابِ ديانةً

منه ويزهدُ في اكتسابِ العسجدِ

علمٌ به كل البريّة تهتدي

وبرائه في كلِّ خَطبٍ تقتدي

أعراضُه للمادحين وجاهُه

للقاصدينَ ومالُه للمجتدي

في الفقهِ مثلُ الشافعيّ ومالكٍ

وأبي حنيفةَ وابنِ حنبلَ أحمدِ

ضاهى البخاريّ المحدّثَ رتبةً

مع مُسلمٍ ومسدَّدِ بنِ مسرْهَدِ

وأبو عبادةَ في القريض وجروَلٌ

لو عاصراهُ أصبحا كالأعبُدِ

يا أحمدُ المحمودُ من دون الورى

أنت الذي أوضحتَ شِرعةَ أحمدِ

خُذها إليك قصيدة رقّت كما

رقّت شكايةَ مُستهامٍ مُكمَدِ

ألبستَها بمديحك السامي إذاً

ثوبَ الفخارِ ومثلُه لم يوجَدِ

أنعِمْ إذاً بقبولها متفضلاً

فقبولُها فرَجي وغيظُ الحُسَّدِ

لا زلتَ في نعَمٍ وعزٍّ دائمٍ

ألفاً فمثلُك في الورى لم يولَدِ

ما ناح قُمريٌّ وغرّد طائرٌ

سحَراً على غُصن رطيبٍ أملَدِ


نوع المنشور:

شارك على :

المنشور السابق

يا عاذلي لا تطيلا عذلي

المنشور التالي

دع العذل إني أكره العذل والغدرا

اقرأ أيضاً