لِمَنِ الشُّموسُ غَرَبْنَ في الأَكوارِ
وطَلَعْنَ بين معاقِدِ الأَزرار
القَاتلاتِ بأَعيُنٍ أَشفارُها
في الفَتْكِ أَمْضَى من ظُباتِ شِفارِ
عَرَّضْنَنِي للسُّقْمِ حِينَ عَرَضْنَ لي
يخطِرْنَ زَهْواً كالقَنَا الخَطَّارِ
ولَوَيْنَ أَجياداً يُحَلِّيها النَّوَى
بفرائِدٍ من فَيْضِ دَمْعٍ جارِي
سارَ الحُداةُ بمن أُحِبُّ وخلَّفوا
قلبي رهينَ الوَجْدِ والتذكارِ
نَضَت البَرَاقِعُ عن رياضِ محاسِنٍ
لم تحتكِمْ فِيها يَدُ الأَمْطارِ
وَرَنَتْ إِليَّ بطَرْفِ ريمٍ أَكْحَلٍ
فرنا الرقيبُ بطَرْفِ لَيْثٍ ضَارِ
كيفَ السَّبيلُ إِلى بدائِعِ جَنَّةٍ
حُفَّتْ لطالِبِ نَيْلِها بالنَّارِ
لا يُبْعِدِ الله الجمالَ مَحَبَّةً
عَذْبَ العذابِ مُهَوِّنَ الأَخطارِ
فَدَعِ الصِّبا أَبداً شِعاري واستَمِعْ
أَوصافَ نَجمِ الدِّينِ في أَشعاري
مَلِكٌ يُريكَ نَوالُه وجمالُه
فيضَ البحارِ وبهجةَ الأَقمارِ
مَا إِنْ رأيتُ أَسيرَ عُسْرٍ أَمَّهُ
إِلا وأَنقذه من الإِعسارِ
رَقَّ الزمانُ لنا برِقَّةِ طَبْعِه
حتى لأَصبحَ كالزُّلال الجاري
ردَّ الهواجِرَ كالأَصائِلِ وانثنى
فكا الليالي رَوْنَقَ الأسحارِ
متقسمٌ بين الهلالِ المُجْتَلَى
حُسْناً وبين الضَّيْغَمِ الزَّءَّارِ
فإِذا سَطَا فَالسيفُ يَضْحَكُ غُرَّةً
وإِذا عفا فالمالُ ذو اسْتْعبارِ
جَذْلاَنُ يُطْرِبُهُ السُّؤالُ كأَنما
يَسْقِيهِ سائِلُهُ بكأَسِ عُقَارِ
وتراهُ فِي ويوم الوغى وكأَنه
من نفسه في عسكرٍ جرَّارِ
من معشرٍ ما فيهمُ إِلا فتىً
طامِي عُبابِ الجودِ رحبِ الدارِ
وَلرُبَّ أَصْفَرَ في يَدَيْهِ فَعَالُه
ينْسِيكَ فِعْلَ الأَبيضِ البَتَّارِ
كالحَيَّةِ النَّضْنَاضِ إِلا أَنَّهُ
مُتَقَسَّمٌ للنفعِ والإِضرارِ
الله جارُكَ قد بَنَيْتَ مراتباً
في المجدِ لا تَفْنَى مع الأَعْصارِ
أَجريتَ من يمناكَ بحرَ سماحةٍ
وَقَفَتْ عليكَ نَتَائِجَ الأَفكارِ
وإِذَا جَعَلْتَ الجودَ غَرْسَكَ لم تَزَلْ
تَجْنِي ثِمارَ الشَّكْرِ خَيْرَ ثِمارَ
وعزائمٍ لك ما السيوفُ قواطعٌ
أَنَّي تُعَدُّ ولا النجومُ سوارى
تمضي متى أَمْضَيْتَها فكأَنما
تأْتي على قَدَرٍ مع الأَقدار