جادَ الحيا كُلَّ رَوضٍ في طَرابُلسِ
يَنم عَن رَوضِ فَضلٍ عاطرِ النَفَسِ
رَوضٌ سَقَت سُحُبُ العِرفانِ مَنبَتَهُ
بِكُل وَدَق هتونِ الدُرِّ مُنبَجِسِ
نَمى وَطالَ فَأَحيا كُلَّ باديةٍ
فَما نُبالي بِجَدبِ المَرَبعِ اليَبِسِ
لِلّهِ جَمعيةٌ صَحَّت وَقَد جَمَعَت
في سلكِها كُلّ نَدبٍ بارعٍ نَدِسِ
مِن كُلِّ ساهرِ لِيلٍ جُلّ بُغيتِهِ
في كُنَّسِ النَجمِ لا الآرامَ في الكنسِ
قَومٌ وجوهُهُم تَجلو الظَلامَ وَمِن
أَفكارِهِم تَتَتارى الشُهبُ في الغَلَسِ
تَجري الفَوائدُ مِن أَقلامِهِم وَبِها
نالَ العِطاشُ مَعيناً غَيرَ مُحتَبِسِ
رِيٌّ لِكُلِّ صَد روح لِذي كَمَدٍ
غُنمٌ لملتَمِسٍ نورٌ لمقتبِسِ
قَد جَددوا نَضرَةَ العلمِ القَديمةِ في
عَصرٍ نَراهُ يُباهي عَصرَ أَندَلُسِ
في بَلدَةٍ لِمَعالي فَخرِها أَثرٌ
ما زالَ في كُلِّ عَصرٍ غَيرَ مُندَرِسِ
طالَت فَما طاوَلَتها في فَضائِلِها
مَدينة مِن بِلاد العُربِ وَالفُرسِ
فَقُل لِمَن رامَ أَرِّخ نَدّها طَمَعاً
قَد قَصَّرَت كُل مِصرٍ عَن طَرابُلُسِ