بكاءٌ وقَلّ غَنَاءُ البُكَاءِ
على رُزْءِ ذُرِّيَّةِ الأَنْبِيَاءِ
لئن ذَلَّ فيه عزيزُ الدُّمُوعِ
لَقَدْ عَزّ فِيْهِ ذَلِيْلُ العَزَاءِ
أعاذِلَتِي إنّ بَرْدَ الشِّفَاءِ
كسانِيْهِ حُبِّي لأهْلِ الكِساءِ
سفينةُ نوحٍ فَمَنْ يعْتلِقْ
بِحُبّهم يَعْتَلِقْ بالنَّجاءِ
لَعَمْرِي لقد ضَل رَأْيُ الهَوَى
بأفئدةٍ من هُداها هَوائي
وَأَوْصَى النبيُّ وَلَكِنْ غَدَتْ
وصاياهُ مُنْبَذَةً بالعَرَاءِ
ومن قَبْلِها أَمَرَ المُنْبِؤنَ
بِرَدَّ الأُمُورِ إلى الأوْصِيَاءِ
ولم يَنْشُرِ القومُ غِلِّ الصُّدو
رِ حَتّى طَوَاهُ الرّدى في رِداءِ
ولو سَلَموا لإمامِ الهُدَى
لقُوبِلَ مُعوجُّهم باستواء
هِلالٌ إلى الرُّشْدِ عالي الضِّيَاءِ
وَسَيْفٌ على الكُفْرِ مَاضي الظُّباءِ
وبحرٌ تَدَفّق بالمُعْجِزَاتِ
كما يَتَّدَفّقُ يُنْبُوعُ مَاءِ
عُلومٌ سماويةً لا تُنَالُ
ومَنْ ذا يَنَالُ نجومَ السَّماءِ
لعَمْري الألى جَحَدُوا حقَّه
وما كان أوْلاهُمُ بالوَلاَءِ
وكم موقفٍ كان شخصُ الحِمَامِ
مِنَ الخَوْفِ فيه قَليلَ الخَفَاءِ
جَلاَهُ فإِنْ أَنكَرُوا فَضْلَهُ
فَقَدْ عَرَفَتْ ذاك شمسُ الضُّحَاءِ
أَراهَا العِجَاجُ قُبَيْلَ الصَّبَاحِ
وَرَدَتْ عليه بُعَيْدَ المساءِ
وإن وُتِرَ القومُ في بدرِهِم
لقد نَقَضَ القومُ في كَرْبِلاَءِ
مطايا الخطايا حُدىّ في الظّلامِ
فما هَمُّ إبليسُ غيرَ الحداءِ
لقد هتكت حُرَمُ المصطفى
وحلّ بهنّ عظيمُ البلاءِ
وساقوا رجالُهُم كالعبيدِ
وحازوا نساءَهُمُ كالإِمَاءِ
فلو كان جَدُّهُمُ شاهدّا
لتبّع أظعانَهُمْ بالبُكَاءِ
حُقُودٌ تُضّرم بدريّةٌ
وداءُ الحَقُودِ عَزيزُ الدّوَاءِ
تراهُ مَعَ الموْتِ تَحْتَ اللِّوا
ءِ واللَّهُ والنَّصْرُ فَوْقَ اللِّواءِ
غَدَاةَ خميسِ إمامِ الهُدَى
وقد عاث فيهم هِزْبَرُ اللقاءِ
وكم أنفس في سَعِيْرٍ هَوَتْ
وهامٍ مُطَيَّرَةٍ في الهواءِ
بِضَرْبٍ كما انْقَدّ جَيْبُ القميص
وَطَعْنٍ كما انحلّ عقدُ السِّقاءِ
أَخِيْرة ربي من الخيرين
وصفوة ربي من الأصفياءِ
طَهُرْتُمْ فكُنْتُم مَدِيْحَ المَدِيْحِ
وكانَ سِوَاكُمْ هِجاءَ الهِجَاءِ
قضيت بحبكم ما عليَّ
إذا ما دُعيت لفصل القضاءِ
وأيقنت أن ذنوبي به
تساقَطُ عني سقوط الهَبَاءِ
فصلى عليكُمْ إلهُ الورى
صلاةً توازي نجوم السماءِ