تَحِيَّةً أَيُّهَا القَتْلَى وَتَسْلِيماً
بَلَغْتُمُ الشَّأْوَ تَخْلِيداً وَتَعْظِيما
لا يَعْبُدُ المَرْءُ رَبّاً لا ولا وَطَناً
بِمِثْلِ إِغْلائِهِ القُربَانَ تَقدِيمَا
قُلتُمْ وَصَدَّقَ مَا قُلتُمْ تَحَمُّلُكُمْ
أَذَى يَرُدُّ فِرِنْدَ الصَّبْرِ مَثْلُومَا
مَا المَوْتُ إِنْ كَانَ إِنْقَاذُ البِلادِ بِهِ
مِنْ غَاصِبٍ وَانْتِصَافُ الشَّعْبِ مَظْلُومَا
يُحَطِّمُ العَظْمُ مِنْكُم دُونَ يُغْيَتِكُمْ
فَتَصبِرُونَ وَيَأَبْى العَزْمُ تَحْطِيمَا
بِرّاً بِمِصْرَ وَخَوفاً أَنْ يُسَلِّمَهَا
إِلَى العِدَى وَاهِنُو الإِيمَانِ تَسْلِيمَا
لَيْسَ الشَّهَادَةُ إِلاَّ مَنْ يَمُوتُ عَلَى
حَقٍّ وَمَنْ لا يُبَالِي فِيهِ مَا سِيمَا
إِمْضَوا رِفَاقاً كِرَاماً حَسْبُكُمْ عِوَضاً
مَجْدٌ عَزِيزٌ عَلَى الخُطَّابِ إِن رِيمَا
لِلمُشْتَرِي بِصِبَاه عِزَّ أُمَّتِهِ
ذِكْرٌ يُدِيمُ اسمَهُ بِالتِّبْرِ مَرْقُومَا
وَلِلَّتِي استَبدَلَتْ بِالقَبْرِ مَرتَعَهَا
قِسطٌ مِنَ الفخْرِ فَوقَ العُمْرِ تَقويما
لا تَحسَبُوا مِصْرَ تَنْسَاكُمْ فَكُلكُمُ
يَبْقَى عَلَى الدَّهْرِ مَرؤُوماً وَمَرْحُومَاً
وَفِي المَرَابِعِ مِنْ أَوراحِكُمْ نَسَمٌ
تَظَلٌّ تَأْتِي بِهَا الأَرْوَاحُ تَنْسِمَا
يَا خَارِجِينَ كِرَاماً مِنْ مَحَابِسِهِمْ
وَمُبْهِجِي كُلِّ قَلْبٍ كَانَ مَغْمُومَا
كَمْ كُبِّلَ الحَقُّ بِالأَصْفَادِ مِنْ ثِدَمٍ
ثُمَّ انْطَوَيْنَ وَبَاءَ البُطْلُ مَهْزُومَا
يَا سُوءَ دَهْرٍ قَضَتْهُ قَبْلَ نَهْضَتِهَا
مِصْرٌ يُخَيِّمُ فِيهَا الذُّلُّ تَخْيِيمَا
تَهِي قُوَى اللَّيْثِ مِنْ عَيْثِ الذِّئَابِ بِهَا
وَيَلْتَوِي الأَمْرُ تَحْلِيلاً وَتَحْرِيمَا
فَاليَوْمَ عَادَ إِلَى رَأْيٍ يُشَرِّفُهَا
مَنْ ظَنَّ إِقْلِيمَهَا لِلْخَفْضِ إِقْلِيمَا
دَلَّتْ عَلَى قُوَّةٍ فِيهَا صَلابَتُكُمْ
تَذُودُ عَنْهَا الأَشِدَّاءَ المَقَاحِيمَا
هَلْ يُجْزِيءُ الشُّكْرُ مِنْ ضَيْمٍ تَحَمَّلَهُ
بِالأَمْسِ مَنْ مَنْكُمُو فِي رَأْيِهِ ضِيمَا
قَدْ أَثَّمُوا وَكَمْ مِنْ مُثْلَةٍ نَزَلَتْ
بَالأَبْرِيَاءِ وَبِالأَبْرَارِ تَأْثِيمَا
وَبَعْضُ مَا عَاقَبُوكُمْ فِيهِ جَعْلُكُمُو
صِدقَ الهَوَى لِلْحِمَى دِيناً وَتَعْلِيمَا
لا حَاكِماً دُونَ مَا أَوْحَتْ ضَمَائِرُكُمْ
تُرَاقِبُونَ وَلا تَرْعَوْنَ مَحْكُومَا
لَقَدْ ظَفِرْتُم بِمَا أَدْنَى القَصِيُّ لَكُمْ
مِنَ المَرَامِ فَلَيْسَ الفَوْزَ مَزْعُومَا
هَلِ اسْتَقَامَ زَمَانٌ يُقَوِّمُهُ
بَنُوهُ بِالصَّبْرِ وَالإِقْدَامِ تَقْوِيمَا
أَو نَالَ حُرِّيَّةً قَومٌ بِهَا جَدُرُوا
وَهُمْ يُبَالُونَ تَقْتِيلاً وَتَكْلِيمَا
يَا سَادَةً كَالنُّجُومِ الغُرِّ مَنْزِلَةً
وَسَيِّدَاتٍ كَعِقْدِ الدُّرِّ مَنْظُومَا
حَمْداً إِقْبَالِكُمْ هَذَا وَحَفْلَتِكُمْ
تُهَنِّئُونَ الصَّنَادِيدَ المَقَادِيمَا
مِنَ الأُولَى مَا وَنَوْا عَن وَاجِبٍ فَبَنَوْا
لِعِزِّ مِصْرَ طِرافاً كَانَ مَهْدُومَا
أُولَئِكُمْ إِنْ مِنْ فَضْلِهِم أَثَرٌ
فَكَمْ لَهُمْ مِنْ جَمِيلٍ ظَلَّ مَكْتُومَا
فَلْتَحْيَا مِصْرُ وَأَبْرارٌ نُجِلُّهُمُو
وَنَحْتَفِي بِهِمْ حُبّاً وَتَكْرِيمَا