أَليَوْمَ عِيدُ الْبَائِسِ المُتَأَلِّمِ
وَاليَوْمَ عِيدُ الْخَافِضِ المُتَنَعِّمِ
عِيدَانِ لا نَدْرِي أَأَوْفَرُ فِيِهِمَا
جَذَلُ المُزَكِّي أَمْ سُرُورُ المُعْدِمِ
قُسِمَتْ حُظُوظُ النَّاسِ إِلاَّ أَنَّهُ
لا حَظَّ فِي الدُّنِيَا كَحَظِّ المُنْعِمِ
طُوبَاكَ يَا سَمْعَانُ إِنَّ مِنَ النَّدَى
مَا لا يُقَوِّمُهُ حِسَابُ مُقَوِّمِ
طوبَاكَ يَا ابْنَ سَلِيمَ فَاهْنَأْ وَاغْتَبِطْ
بِجَمِيلِ حَظِّكَ فِي حَيَاتِكَ وَاسْلمِ
مِنْ نِصْفِ قَرْنٍ شَاءَ رَهْطُ أَعِزَّةٍ
فِي قَوْمِهِمْ تَأْسِيسَ هَذَا المَعْلَمِ
بِيَقِينِ أَنَّ الْبِرَّ لَيْسَ بِبَالِغٍ
غَايَاتِهِ إِنْ كَانَ غَيْرَ مُنَظَّمِ
مَا أَحْسَنَ الإِحْسَانَ وَهْوَ مُصَرَّفٌ
فِي وَجْهِهِ تَصْرِيفَ رَأْيٍ مُحْكَمِ
نَهَجُوا الصِّرَاطَ المُسْتَقِيمَ وَلَيْسَ فِي
سُبُلِ المُرُوءةِ مِنْ سَبِيلٍ أَقْوَمِ
وَتَطَوَّعُوا مُتَبَرِّعِينَ بِمَالِهِمْ
وَبِوَقْتِهِمْ نُبْلاً وَمَحْضَ تَكَرُّمِ
مَنْ وَسَّعَ المَوْلَى عَلَيْهِ بِرِزْقِهِ
أَيَضِنُّ بِالدِّينَارِ أَوْ بِالدِّرْهَمِ
للهِ مَا لاقَوْهُ أَوُّلَ أَمْرِهِمْ
مِنْ كُلِّ ثَانٍ وَجْهَهُ مُتَبَرِّمِ
وَمُحَاوِلٍ مُتَفَلْسِفٍ وَمُطَاوِلٍ
مُتَعَسِّفٍ وَمُمَاطِلٍ مُتَحَكِّمِ
صَبَرُوا وَمَا فِي مَطْلَبٍ مُتَجَشِّمٍ
كَعَنَاءِ ذَاكَ المَطْلَبِ المُتَجَشَّمِ
مُتَكَلِّفِينِ مِنَ الأُمُورِ أَمَضَّهَا
لِنُفُوسِهِمْ وَنُفُوسُهُمْ لَمْ تَسْأَمِ
ذَاعَتْ دِعَايَتُهُمْ فَعَادَ نِدَاؤُهُمْ
بِإِجَابَةٍ وَالْفَضْلُ لِلْمُتَقَدِّمِ
وَبَنَى الثَّبَاتُ بِنَاءهُ حَتَّى غَدَا
بِجَلالِهِ أُمْنِيَّةَ المُتَلَوِّمِ
يَتَعَاقَبُ الرُّؤَسَاءُ وَالمَتَرَسِّمُو
آثَارِهِمْ فِي المَنْهَجِ المُتَرَسَّمِ
مُتَأَلِّبِينَ عِصَابَةً خَيْرِيَّةً
فَخْرُ الْعَمِيدِ بِهَا كَفَخْرِ المُنْتَمِي
جَمَعَتْ إِلَى أَهْلِ الْحَمِيَّةِ وَالنَّدَى
أَهْلَ الْكِيَاسَةِ وَالمَقَالِ المُفْحِمِ
مِن مُرْصِدٍ وَقْفاً أُعِدَّ بِهِ حِمًى
وَمَبَاءةٌ لِلْمُعْتَفِي وَالمُحْتَمِي
وَمُسَاهِمٍ فِي الْبِرِّ مُوفٍ قِسْطَهُ
يَرْمِي مَعَاذِيرَ الشَّقَاءِ بِأَسْهُمِ
وَجَمِيلِ سَعِيٍ يُسْتَمَدُّ مَعُونَةً
لِيَتِيمَةٍ مَنْبُوذَةٍ أَوْ أَيِّمِ
وَحَمِيدِ ذَوْدٍ عَنْ كِرَامٍ مُسَّهُمْ
إِيْذَاءُ دَهْرٍ لِلْكِرَامِ مُذَمَّمِ
ظَلُّوا يُوَالُونَ الْجِهَادَ وَعَزْمُهُمْ
مُتَوَافِرٌ وَالسَّيْرُ سَيْرُ تَقَدُّمِ
مُتَدَارِكِينَ عَوَادِي الدُّنْيَا بِمَا
أُوتُوا مِنَ الرَّأْيِ الأَسَدِّ الأَحْزَمِ
فَبِفَضْلِ مَا صَنَعُوا تَقَضَّتْ حَاجَةٌ
فِي كُلِّ طَارِئَةٍ لِكُلِّ مُيَمِّمِ
شَادُوا بِمَا فِي وُسْعِهِمْ مُسْتَوْصَفاً
لِشِفَاءِ مُعْتَلٍّ وَبُرْءِ مُكَلَّمِ
وَعُنُوا بِنَشْرِ العِلْمِ فِي زَمَنٍ غَدَا
حَرْباً عَلَى مَنْ لَيْسَ بِالمُتَعَلِّمِ
وَتَدَارَكُوا الأَعْراضَ أَنْ تَنْتَابَهَا
أَعْرَاضُ عَصْرٍ فِي المَآرِبِ مُتْهَمِ
كُثْرٌ مَآثِرُهُمْ وَلَوْ فَصَّلْتُهَا
طَالَتْ وَظَلَّ الْوَصْفُ غَيْرُ مُتَمِّمِ
وَلَوْ أَنَّنِي أُحْصِي الأولى انْتَفَعُوا بِهَا
لَنَبَا عَنِ الأَرْقَامِ حَدُّ المِرْقَمِ
وَأَنَّنِي أحصي الأُولَى جَادُوا لَهَا
لَسَرَدْتُ مَا وَسِعَتْ حُرُوفُ المُعْجَمِ
لَكِنَّ فِي مُهْجَاتنَا أَسْمَاءهُمْ
تَجْرِي بِهَا ذِكْرَاهُمُ مَجْرَى الدَّمِ
هَيْهَاتَ يُوْفِي الشُّكْرُ حَقَّ مُجَاهِرٍ
مِنْهُمْ بِمَا أَسْدَاهُ أَوْ مُتَكَتِّمِ
ألفَضْلُ أَرْفَعُ غَايَةٍ إِنْ يَسْتَتِرْ
وَالفَضْلُ أَرْوَعَ قُدْوَةٍ إِنْ يُعْلَمِ
يَا أَيُّهَا الْحَشْدُ الَّذِينَ سِمَاتُهُمْ
تَجْلُو بَريقَ الْبِشْرِ لِلْمُتَوَسِّمِ
هَلْ فِي المَوَاسِمِ مِثْلُ مَا تَجِدُونَهُ
فِي النَّفْسِ مِنْ بَهَجَاتِ هَذَا المَوْسِمِ
يَكْفِي اجْتِمَاعُكُمْ جَلالاً أَنْ يُرَى
مِنْهُ كُرُلُّلسُ فِي المَقَامِ الأَسْنَمِ
أَعْظِمْ بِهَذَا البَطْرِيَرْكِ المُجْتَبَى
مِنْ سَيِّدٍ عَالِي الْجَنَابِ مُعَظَّمِ
بَانِي الْجَدِيدِ بِقَدْرِ مَا يَسْطِيعُهُ
جُهْدُ امْرِئٍ وَمُجَدِّدِ المُتَهَدِّمِ
جَمَعَ الْبَلاغَةَ فِي مَنَاقِبِهِ وَقَدْ
تَرَكَ الصَّدَى لِفَصَاحَةِ المُتَكَلِّمِ
حَيَّاهُ بَارِئُهُ وَحَيَّى صَفْوَةً
هُوَ بَيْنَهُمْ كَالبَدْرِ بَيْنَ الأَنْجُمِ
ألدِّينُ وَالدُّنْيَا أَعَارَهُمْ سَنًى
لَمْ يُزْهَ فِي حَفْلٍ أَجَلَّ وَأَكْرَمِ
شَرَفاً حَبِيبُ وَمَنْ جَرَى مَجْرَاكَ مِنْ
مُتَأَخِّرٍ عَهْداً وَمِنْ مُتَقَدِّمِ
فِي رَحْمَةِ اللهِ الأُولَى بَدَرُوا لَهُمْ
عَدْنٌ وَمَنْ يَرْحَمْ فَقِيراً يُرْحَمِ
وَبِحِفْظِهِ الْبَاقُونَ زِيدُوا أَنْعُماً
تَتْرَى بِمَا قَدْ أَسْلَفُوا مِنْ أَنْعُمِ
أَمَّا الْخِتَامُ فَمِسْكُهُ أُمْنِيَّةٌ
أَبْداً نُرَدِّدُهَا فَتَعْذُبُ فِي الْفَمِ
يَا مِصْرُ يَا دَارَ السَّمَاحَةِ وَالنَّدَى
دُومِي وَعِزِّي فِي المَمَالِكِ واعْظُمِي
وَلْيَحْيَ أَهْلُوكَ الْكِرَامُ وَيَغْنَمُوا
مِنْ طَيِّبَاتِ الْعَيْشِ أَوْفَى مَغْنَمِ