أَهاجَتكَ سَلمى أَم أَجَدَّ بُكورُها
وَحُفَّت بِأَنطاكِيّ رَقمٍ خُدورُها
عَلى هاجِراتِ الشَولِ قَد خَفَّ خَطرُها
وَأَسلَمَها لِلظاعِناتِ جُفورُها
قَوارِضُ حَضنَيْ بَطنِ يَنبُعَ غُدوَةً
قَواصِدُ شَرقِيِّ العَناقينِ عيرُها
عَلى جِلَّةٍ كَالهَضبِ تَختالُ في البُرى
فَأَحمالُها مَقصورَةٌ وَكؤورُها
بُروكٌ بِأَعلى ذي البُلَيدِ كَأَنَّها
صَريمَةُ نخلٍ مُغطَئِلٌّ شَكيرُها
مِنَ الغُلبِ مِن عِضدانِ هامَةَ شُرِّبَت
لِسَقيٍ وَجَمَّت لِلنَواضِحِ بيرُها
غَدَت أُمُّ عَمرو وَاِستَقَلَّت خُدورُها
وَزالَت بِأَسدافٍ مِنَ اللَيلِ عيرُها
تَبَدَّت فَصادَتهُ عَشِيَّةَ بَينِها
وَقَد كُشِفَت مِنها لِبَينٍ سُتورُها
بِجيدٍ كَجيدِ الرِئمِ حالٍ تزينُهُ
غَدائِرُ مُستَرخي العِقاصِ يَصورُها
تَلوثُ إِزارَ الخَزِّ مِنها بِرَملَةٍ
رَداحٍ كَساها هائِلَ التُربِ مورُها
أَجَدَّت خُفوفاً مِن جَنوبِ كُنانَةٍ
إِلى وَجمَةٍ لَمّا اِسجَهَرَّت حَرورُها
وَمَرَّت عَلى التَقوى بِهِنَّ كَأَنَّها
سَفائِنُ بحرٍ طابَ فيها مَسيرُها
أَو الدَومُ مِن وادي غُرانَ تَرَوَّحَت
لَهُ الريحُ قَصراً شَمأَلٌ وَدَبورُها
نَظَرتُ وَقَد حالَت بَلاكِثُ دونَهُم
وَبُطنانُ وادي بِرمَةٍ وَظهورُها
إِلى ظُعنٍ بِالنَعفِ نَعفِ مَياسِرٍ
حَدَتها تَواليها وَمارَت صُدورُها
عَلَيهِنَّ لُعسٌ مِن ظِباء تَبالَةٍ
مُذَبذَبَةُ الخِرصانِ بادٍ نُحورُها
فَلَمّا بَلَغنَ المُنتَضى بَينَ غَيقَةٍ
وَيَليَلَ مالَت فَاِحزَأَلَّت صُدورُها
وَأَتبَعتُها عَينَيَّ حَتّى رَأَيتُها
أَلَمَّت بِفِعرى وَالقَنانِ تَزورُها
وَمازِلتُ أَستَدمي وَما طَرَّ شارِبي
وِصالَكِ حَتّى ضَرَّ نَفسي ضَميرُها
فَإِنّي وَتَأميلي عَلى النَأيِ وَصلَها
وَأَجبالُ تُرعى دونَنا وَثَبيرُها
وَعَنَّ لَنا بِالجِزعِ فَوقَ فُراقِدٍ
أَيادي سَبا كَالسَحلِ بيضاً سُفورُها
نَشيمُ عَلى أَرضِ اِبنِ لَيلى مَخيلَةً
عَريضاً سَناها مُكرَهِفّاً صَبيرُها
فَأَصبَحتُ لَو أَلمَمتُ بِالحَوفِ شاقَني
مَنازِلُ مِن حُلوانَ وَحشٌ قُصورُها
أَقولُ إِذا ما الطَيرُ مَرَّت مُخيفَةً
سوانِحُها تَجري وَلا أَستَثيرُها
فَدَتكَ اِبنَ لَيلى ناقَتي حَدَثَ الرَدى
وَراكِبُها إِن كانَ كونٌ وَكورُها
تَقولُ اِبنَةُ البَكريِّ يَومَ لَقيتُها
لَعَمرُكَ وَالدُنيا مَتينٌ غُرورُها
لَأَصبَحتَ هَدَّتكَ الحَوادِثُ هَدَّةً
نَعَم فَشَواةُ الرَأسِ بادٍ قَتيرُها
وَأَسلاكَ سَلمى وَالشَبابَ الَّذي مَضى
وَفاةُ اِبنِ لَيلى إِذ أَتاكَ خَبيرُها
فَإِن تَكُ أَيّامُ اِبنِ لَيلى سَبَقنَني
وَطالَت سِنِيَّ بَعدَهُ وَشُهورُها
فَإِنّي لَآتٍ قَبرَهُ فَمُسَلَّمٌ
وَإِن لَم تُكَلِّم حُفرَةٌ مَن يَزورُها
وَما صُحبَتي عَبدَ العَزيزِ وَمِدحَتي
بِعارِيَةٍ يَرتَدُّها مَن يُعيرُها
شَهِدتُ اِبنَ لَيلى في مَواطِنَ جَمَّةٍ
يَزيدُ بِها ذا الحلمِ حِلماً حُضورُها
تَرى القَومَ يُخفونَ التَبَسُّمَ عِندَهُ
وَيُنذِرهُم عورَ الكَلامِ نَذيرُها
فَلا هاجِراتُ القَولِ يُؤثِرنَ عندَهُ
وَلا كَلِماتُ النُصحِ مُقصىً مُشيرُها
فَلَستُ بِناسيهِ وَإِن حيلَ دونَهُ
وَجالَ بِأَحوازِ الصَحاصِحِ مورُها
وَإِن طُوِيَت من دونِهِ الأَرضُ وَاِنبَرى
لَنُكبِ الرِياحِ وَفيُها وَحَفيرُها
حَياتِيَ ما دامَت بِشَرقِيِّ يَلبَنٍ
بَرامٌ وَأَضحَت لَم تُسَيَّر صُخورُها
وَلَكِن صَفاءُ الوِدِّ ما هَبَّتِ الصَبا
وَما لَم تَزَل حِسمى رُباها وَقورُها