ألِمّا على شَطِّ الفُراتِ المقَدَّسِ
فخَيْرُ مَقيلٍ للهُدَى ومُعرَّسِ
سَيَهْديكَ عرْفُ الطّيبِ واليومُ شامِسٌ
ونارُ القِرَى تدْعوكَ في جُنْحِ حِنْدِسِ
وتَلْقَى قِباباً دونَها كلُّ ضامِرٍ
منَ الأعْوجِيّاتِ السّلاهِبِ أشْوَسِ
وأزْهَر فضْفاضِ الرِّداءِ إذا احْتَبى
بسُدّةِ نادٍ أو قَرارَةِ مجْلِسِ
يُريكَ حِجَى لُقْمانَ في حِلمِ أحْنَفٍ
ومنْطِقِ قُسٍّ تحْتَ حِكمَةِ هُرْمُسِ
فإنْ شِئْتَ في بحْرِ النّدى منْهُ فاغْتَرِفْ
وإنْ شِئْتَ في نارِ الهُدَى منْهُ فاقْبِسِ
وبلِّغْ عُلىً للبُعْدِ منّي ألوكَةً
بأعْطَرِ منْ عرْفِ الصِّبا المُتَنَفَّسِ
أبا حسَن خُذْها مُجاجَةَ شاعِر
فَصيحٍ متَى رامَ امْتِداحَكَ يخْرَسِ
كتبْتُ وقدْ نازَعْتُ فيكَ مُلاءَةً
كسَتْني شُحوباً في المُلاءِ المورَّسِ
لشَوْقٍ ثَوى بيْنَ الحَيازِم والحَشى
وبُعْدٍ رَمى في القَلْبِ سهْمَ مُقَرْطِسِ
ولولا حِذاري واتّقائيَ جاهِداً
علَى رُقْعَةٍ منْ حامِلٍ متلمِّسِ
لأبْثَثْتُكَ الشّوقَ الذي هوَ كامِنٌ
وناديْتُ يا مَصْدورَ صَدْري تنفَّسِ
وبكْرٍ تثنّى منْكَ تلْعبُ بالنُّهى
وتَرْفُلُ تِيهاً في غُلالةِ سُنْدُسِ
كما ابتَسَم الزّهْرُ الجَنيُّ بروْضَةٍ
ورَفّ الحَيا منْ فوْقِ ورْدٍ ونرْجِسِ
كَما اتّسَقَ العِقْدُ الثّمينُ بلَبّةٍ
فَراقَ بهِ وصْفُ الفِرِنْدِ المجنّسِ
ألَذّ على الأسْماعِ منْ صوْتِ مِزْهَرٍ
وأعْذَبُ في الأفواهِ من ريقِ ألْعَسِ
يَميناً فَما عَوْدُ الشّبابِ الذي مَضى
لذي كِبَرٍ وما الغِنى عنْدَ مُفْلِسِ
ولا النّوْمُ منْ بعْدِ السُّهادِ لساهِرٍ
بأحْسَنَ منْها في عُيونٍ وأنْفُسِ
ثَكِلْتُ وَفائي وهْوَ أكرَمُ صاحِبٍ
وخالَطْتُ إيماني بإيمانِ مُلْبِسِ
إذا لمْ أُبَلِّغْ فِيكَ نفْسيَ عُذْرَها
وأترُكُ حمْدي فيكَ أسوَةَ مؤتَسي