إذا أنا لم أوثر هواي على عزمي

التفعيلة : البحر الطويل

إِذَا أَنا لَمْ أُوثِرْ هَوَايَ عَلَى عَزْمِي

فَنَفْسِيَ فِي طَوْعِي وَأَمْرِيَ فِي حُكْمِي

وَإِنْ أَنَا أَرْجَأْتُ الأُمُورَ إلَى غَدٍ

طَعَنْتُ بِغَرْبِ الْعَجْزِ فِي ثُغْرَةِ الْحَزْمِ

وَإِنَّ أَحَقُّ الْنَّاسِ بِاللَّوْمِ لامْرُؤ

يَضِلُّ طَريقَ الرُّشْدِ وَهُوَ عَلَى عِلْمِ

كَتَمْتُ اشْتِيَاقِي وَالْنُّحُولُ يَنِمُّ بِي

كَأنِّي أَحَلْتُ الْكَتْمَ مِنِّي عَلَى جِسْمِي

وَقُلْتُ لِجَفْنِي إِنْ دُعِيتَ لِعَبْرَةٍ

فَسَاعِدْ بِهَا مَطْلُ الْغَنِيِّ مِنَ الظُّلْمِ

وَلِمْ لاَ وَقَدْ حَلَّ الرِّكَابُ بِيَثْرِبٍ

وَبُؤْتُ بِشَحْطِ الدَّارِ مِنْهَا عَلَى رَغْمِ

تَذَامَرَ أَقْوَامٌ إِلَيْهَا وَضَمَّرُوا

مُخَيَّسَةً تَهْوِي بِأَجْنِحَةِ الْعَزْمِ

وَقَامَ خِضَمُّ الْمَاءِ دُونَ مَرَامِهِمْ

فَلَمْ يَحْفِلُوا مِنْهُ بِهَوْلٍ وَلاَ لَطْمِ

إِذَا الْنَّفْسُ أبْدَتْ فِيهِ ظَنًّا بِحَسْمِهِ

تَقُولُ لَهَا الأَشْوَاقُ أَلْقِهِ فِي الْيَمِّ

فَمَا كَانَ إِلاَّ أَنْ أَتَوْا مَعْهَدَ الْهُدَى

وَشِيكاً كَمَا أَغْفَيْتَ فِي سِنَةِ الْحُلْمِ

وَفَازوا بِمَا حَازُوا كِرَاماً فَإِنَّمَا

زِيَارةُ خَيْرُ الْخَلْقِ مِنْ أَعْظَمِ الْغُنْمِ

كَأَنِّي بِقَوْمِي حِينَ حَلُّوا حِلاَلَهَا

وَأَعْيُنُهُمْ إِذْ ذَاكَ أجْفَانُهَا تَهْمِي

يُكِبُّونَ لِلأَذْقَانِ فِي عَرَصَاتِهَا

سَلاماً وَتَقْبيلاً عَلى ذَلِكَ الرَّسْمِ

فَيُعْفَى عَنِ الأَوْزَارِ فِي ذَلِكَ الْحِمَى

وَتُغْتَفَرُ الآَثَامُ فِي ذَلِكَ اللَّتْمِ

فَلِلَّهِ دَرُّ الْقَوْمِ فِيهَا وَقَدْ غَدَوْا

ضُيُوفاً بِمَثْوَى سَيِّدِ الْعُرْبِ والْعُجْمِ

أَقَامَ لَهُمْ حَيّاً أَمَاناً مِنَ الرَّدَى

وَقَامَ مَقَامَ الْغَيْثِ فِي شِدَّةِ الأَزْمِ

وَحَلُّوا بِهِ مَيْتاً فَكَانَ قِرَاهُمُ

خِفَارَةَ ذِي رَوْعٍ وَتَأمِينَ ذِي جُرْمِ

رَسُولٌ أَتَى حُكْمُ الْكِتَابِ بِمَدْحِهِ

وَأَثْنَى عَلَيْهِ اللَّهُ بِالصِّدْقِ وَالْحِلْمِ

أَحَبُّ مِنَ الْمَحْيَا وأَجْدَى مِنَ الْحَيَا

وَأَهْدَى لِمَنْ ضَلَّ الْسَّبيلَ مِنَ النَّجْمِ

قَريعٌ صَمِيمُ الْمَجْدِ فِي آلِ هَاشِمٍ

أُولِي الْقَسَمَاتِ الْغُرِّ وَالأُنُفِ الْشُّمِّ

أَتى رَحمَةً وَالنَّاسُ فِي مدلهمة

يوحون في غي ويعدون في إثم

فصدق من قادته سَابِقَةُ الْهُدَى

وَسَاعَدَهُ الإسْعَادُ فِي سَالِفِ الْحُكْمِ

وَصَدَّ عَنِ الآيَاتِ مَنْ سَبَقَتْ لَهُ

شَقَاوَتُهُ فِي سَابِقِ الْقَدَرِ الْحَتْمِ

وَأَعْجَزَ مَنْ أَعْمَى الضَّلاَلُ يَقِينَهُ

عَمَى قَدْ تَحَدَّى مِنْ مُعَاجِزِهِ الْعُقْمِ

فَرَوَّى لُهَامَ الْجَيْشِ مِنْهُ بِأَنْمُلٍ

جَرَى الْمَاءُ فِي أَثْنَائِهَا سَائِغَ الطَّعْمِ

وَلَمَّا دَعَا بالْبَدْرِ شُقَّ لِحِينهِ

وَأَقْبَلَ مِنْهُ الشِّقُّ يَهْوِي إِلَى الْكُمِّ

وَكَلَّمَهُ ضَبُّ الْفَلاَةِ مُخَاطِباً

وَمُسْتَفْهِماً فِي الْقَوْلِ تَكْلِيمَ ذِي فَهْمِ

وَخَاطَبَهُ الْصَّخْرُ الْجَمَادُ مُحَدِّثَاً

وَحَذَّرَهُ مَا فِي الذِّرَاعِ مِنَ السُّمِّ

وَفِي الْخَتْمِ مِنْهُ لِلنَّبِيئِينَ آَيةٌ

رَأَيْنَا بِهَا مَعْنَى الْبدَايَةِ فِي الختم

سرى نوره في أوجه نبوية

مقدسة ينميه أكرم من ينمي

وَلَمْ تَشْكُ ثِقْلَ الْحَمْلِ آمِنَةُ الرِّضَا

وَلاَ دُهِيَتْ مِنْهُ بِكَرْبٍ وَلا غَمِّ

وَفِي لَيْلَةِ الْمِيلاَدِ مِنْهُ بَدَتْ لَهَا

شَوَاهِدُ لَمْ تَخْطُرْ لِنَفْسِ وَلاَ وَهْمِ

وَبَشَّرَهَا الأَمْلاَكُ أَنَّ وَلِيدَهَا

إِمَامُ النَّبِئِينَ الْكِرَامِ أُولِي الْعَزْمِ

إلَى أَنْ تَفَرَّى اللَّيْلُ عَنْ نُورِ وَجْهِهِ

كَمَا شَفَّ سُحْبٌ عَنْ سَنَا قَمَرٍ تِمِّ

فَخَرَّتْ لَهُ الأَصْنَامُ صَرْعَى وَزُلْزِلَتْ

بِمَكَّتِهَا أَجْرَامُ أَجْبَالِهَا الشُّمِّ

فَرَامَ اسْتِرَاقَ السَّمْعِ رَائِدُ عَائِفٍ

مِنَ الْجِنِّ فَانْقَضَّتْ لَهُ شُهُبُ الرَّجْمِ

وإِيوَانُ كِسْرَى أَسْرَعَتْ شُرُفَاتُهُ

وَقَدْ عَايَنَتْ مَا عَايَنَتْهُ إِلَى الْهَدْمِ

وَأَخْبَرَ شِقٌّ أَنَّ فِي الأَرْضِ عِنْدَهَا

طُلُوعَ نَبِيٍّ طَاهِرِ الأَبِ وَالأُمِّ

رَسُولٌ مِنَ الرَّحْمَانِ يَدْعُو إلَى الْهدَى

وَيَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلاَمَةِ وَالسِّلْمِ

فَلِلَّهِ مِنْهَا لَيْلَةٌ بَرَكَاتُهَا

سَحَائِبُهَا تَنْهَلُّ بِالنِّعَمِ الْعُمِّ

أَشَادَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ بِفَضْلِهَا

فَأَحْيَى سَبِيلاً دَارِساً لأُوِلي الْعِلْمِ

وآَثَرَ تَقْوَى اللَّهِ مِنْهَا فَلَمْ يَكُنْ

بِمُشْتَغِلٍ عَنْهَا بزيرٍ وَلاَ بَمِّ

تَقِيٌّ حَذَا حَذْوَ الْخَلاَئِفِ وَاقْتَدَى

بِهِمْ مِثْلَ مَا خُطَّ الْكِتَابُ عَلَى الرَّسْمِ

إِذا هَمَّ أَمْضَى عَزْمَهُ وَإِذَا سَطَا

فَلاَ عِدَّةٌ تُغْنِي وَلاَعُدَّةٌ تَحْمِي

وَإِنْ جَدَّ يَوْماً لَمْ يَبِتْ دُونَ غَايَةٍ

وَإِنْ جَادَ مَا ذُو الْعُسْرِ يَوْماً بِمُهْتَمِّ

وَإِنْ طَلَبَ الصَّعْبَ الْمُمَنَّعَ نَالَهُ

بمُدْرَكَةِ الأَقْصَى وَمَنْزِلِةِ الْعُصْمِ

إِذَا مَا دَجَا رَوْعٌ فَغُرَّةَ يُوسُفٍ

تُضِيءُ بِهَا الآَفَاقُ فِي الْحَادِثِ الْجَهْمِ

وَإِنْ زَمَنٌ يَوْماً عَرَتْهُ زَمَانَةٌ

فَرَاحَتُهُ بُرْءُ الزَّمَانِ مِنَ السُّقْمِ

فَيَا نَاصِرَ الإِسْلاَمِ دُمْ فِي حُلَى الْعُلَى

وَجَارُكَ فِي أَمْنٍ وَقُطْرُكَ فِي سِلْمِ

وَلاَ بَرِحَتْ آثَارُكَ الْغُرُّ تَكْتَسِي

بَدَائِعَ مِمَّا صَاغَ فِي وَصْفِهَا نَظْمِي

وَإِنِّي بِنُعْمَاكَ الَّتِي مَلأَتْ يَدِي

فَأَصْبَحْتُ مِنْ إِحْسَانِهَا وَافِرَ الْقَسْمِ

لأَخْلَقُ مِنْ جَفْنِي الْمُسَهَّدِ بِالْكَرَى

وَأَلْيَقُ بِالسِّرِّ الْمَصُونِ مِنَ الْكَتْمِ


نوع المنشور:

شارك على :

المنشور السابق

قلدت من نصر الإلاه حساما

المنشور التالي

لا تعجبن لطالب نال العلا

اقرأ أيضاً

الفتوى

مهداة الى روح الشهيدة آيات الأخرس ولصاحب الفتوى التي تحرم جهاد المرأة من دون محرم *** تخرجينَ الآن…

إلى أجيرة

بدراهمي! لا بالحديث الناعم حطمت عزتك المنيعة كلها .. بدراهمي وبما حملت من النفائس، والحرير الحالم فأطعتني.. وتبعتني..…