رأيت الحب عن بعد خمسة أمتار. رأيته
جالساً على مقعد في قاعة المسافرين إلى
عناوين غير مرتجلة. المطار مزدحم. الفتى
الفرنسي والفتاة اليابانية غريبان عن
الزحام. ملفوفان, كما بدا لي, بغمامة
واحدة زرقاء. يتناوبان النعاس ولا يلتفتان
إلى ما هو خارجهما. تنظر إليه حين يضع
رأسه على كتفها نظرة حريرية تحرص على
ألا تخترقه. كأنها لا تريد له أن يراها
تراه, كأنهما في أول الحب وتخجل من أن
يعرف كم ستحبه. ثم يتبادلان الخفر …
ينظر إليها حين تضع رأسها على كتفه نظرة
من يخشى على تحفة بلورية هشة من
الانكسار. وحين تلتقي النظرتان على
شغف وشفافية, تنهض الفتاة لتشتري
زجاجة ماء. تسقي الفتاة الفتى كأنها
ترضعه, ويسقيها كما لو أنه يقبّلها
طويت رواية الرحلة لأرى صورة الحب
عن بعد. ارتعشت وانتعشت بموجة عطر
خفي هبت علي من فتاة يابانية وفتى
فرنسي بلغا من الرهافة منزلة غزال وظبية.
لم يقل لها شيئاً. ولم تقل له شيئاً.
فقد اكتفى بفواصل الصمت في الموسيقى
اليابانية. لعلهما لم يبلغا سنّ الكلام عمّا
هما فيه من تلاشي الواحد في الآخر.
لو قالت له شيئاً لكان: النهر الذي
سنجتازه بعد هذه الرحلة يمر قرب بيتنا.
ولو قال لها شيئاً لكان: النهر الذي
سنجتازه بعد هذه الرحلة هو بيتنا!
اقرأ أيضاً
وغريرة كالظبي لاحظ قانصا
وَغَريرَةٍ كالظَّبيِ لاحَظَ قانِصاً فاِنصاعَ يَختَلِسُ الخُطا وَيَروغُ تَكسو بَياضَ الوَجهِ صُدغاً حالِكاً ذَيلُ الدُّجى بِسوادِهِ مَصبوغُ وَأَنا…
إذا رفعوا سمعت لهم عجيجا
إِذا رَفَعوا سَمِعتَ لَهُم عَجيجاً عَجيجَ مُحَلِّئٍ نَعَماً نِهالا وَمَن سَمَكَ السَماءَ لَهُ فَقامَت وَسَخَّرَ لِاِبنِ داوُدَ الشَمالا…
ما حصلنا على العشر التي بقيت
لَمّا حَصَلنا عَلى العَشرِ الَّتي بَقِيَت وَأَدبَرَ الشَهرُ عَنّا بَعدَ إِقبالِ وَآنَسَت لَهَواتي بَعدَ ما لَفَظَت طَعمَ الصِيامِ…
إن الذي تيمني حبه
إِنَّ الَّذي تَيَّمَني حُبُّهُ أَمرَدُ مِن نَشءِ الدَواوينِ قَد نَشَرَ الطومارَ في حِجرِهِ مُبتَدِئً بِالباءِ وَالسينِ يُطَرِّرُ الوَردَ…
ما كنت في بخس الجزاء بمشبه
ما كنتَ في بخس الجزاء بمشبهٍ إلا كَنِيَّك يا أبا أيوبِ وأَراك أيضاً مثلَهُ في جودهِ للراكبين بظهره…
سقين البشام المسك ثم رشفنه
سَقَينَ البَشامَ المِسكَ ثُمَّ رَشَفنَهُ رَشيفَ الغَريرِيّاتِ ماءَ الوَقائِعِ
كم تجرعنا هوانا
كم تجرّعنا هوانا ولقينا في هوانا وبلونا نار حب لم نذق فيها أمانا وإذا حلّ الهوى هي هات…
باكر صبوحك باصطباحك
باكِر صَبوحَكَ بِاِصطِباحِك وَاِجعَل رَواحَكَ نَحوَ راحِك وَاِجلِب إِلى شَوقِ الصِبى سِلَعَ اِنتِخابِك وَاِقتِراحِك ما دُمتَ لا تُلحى…