رَجُلٌ وخِشْفٌ في الحديقة يلعبان معاً….
أقولُ لصاحبي: مِنْ أين جاءَ اُبْنُ الغزالِ؟
يقولُ: جاء من السماء. لعلَّهُ ((يَحْيَى))
رُزِقْتُ به ليُؤْنِسَ وحشتي. لا أُمَّ
تُرْضعُهُ فكُنْتُ الأمَّ, أسقيهِ حليبَ
الشاة ممزوجاً بملعَقَةٍ منَ العَسَلِ
المُعَطَّر. ثم أحملُهُ كغيمَةِ عاشقٍ في
غابة البلّوطِ…
قُلْتُ لصاحبي: هل صار يألَفُ بيتَكَ
المأهولَ بالأصوات والأدوات؟
قالَ: وصار يرقُدُ في سريري حين يمرضُ …
ثُمَّ قال: وصِرْتُ أَمرَضُ حين يمرض|
صِرْتُ أهذي: ((أَيُّها الطفلُ اليتيمُ!
أنا أبوك وأُمُّكَ، انهضْ كي تعلِّمني
السكينةَ))/
بعد شهرٍ زُرْتُهُ في بيته الريفيّ.
كان كلامُهُ يبكي. لأول مرّةٍ يبكي سُلَيْمانُ
القويُّ، يقول لي متهدِّج الصوت: ((اُبن
الغزال، ابنُ الغزالة مات بين يديَّ.
لم يألف حياةَ البيت. لكنْ لم يَمُتْ
مثلى ومثلكَ…))
لم أَقل شيئاً لصاحبيَ الحزينِ. ولم
يودِّعني, كعادته، بأبياتٍ من الشعر
القديم. مشى إلى قبر الغزال الأبيض.
اُحتَضَنَ الترابَ و أَجهش: ((اُنهضْ
كي ينام أبوك, يا اُبني, في سريرك.
ها هنا أَجدُ السكينةَ))/
نام في قبر الغزال، وصار لي
ماضٍ صغيرٌ في المكانْ:
رَجُلٌ وخِشْفٌ في الحديقة يرقدانْ!