أَهلاً بِدارٍ سَباكَ أَغيَدُها
أَبعَدُ ما بانَ عَنكَ خُرَّدُها
ظَلتَ بِها تَنطَوي عَلى كَبِدٍ
نَضيجَةٍ فَوقَ خِلبِها يَدُها
يا حادِيَي عيرِها وَأَحسَبُني
أَوجَدُ مَيتاً قُبَيلَ أَفقِدُها
قِفا قَليلاً بِها عَلَيَّ فَلا
أَقَلَّ مِن نَظرَةٍ أُزَوِّدُها
فَفي فُؤادِ المُحِبِّ نارُ جَوىً
أَحَرُّ نارِ الجَحيمِ أَبرَدُها
شابَ مِنَ الهَجرِ فَرقُ لِمَّتِهِ
فَصارَ مِثلَ الدِمَقسِ أَسوَدُها
بانو بِخُرعوبَةٍ لَها كَفَلٌ
يَكادُ عِندَ القِيامِ يُقعِدُها
رِبَحلَةٍ أَسمَرٍ مُقَبَّلُها
سِبَحلَةٍ أَبيَضٍ مُجَرَّدُها
يا عاذِلَ العاشِقينَ دَع فِئَةً
أَضَلَّها اللَهُ كَيفُ تُرشِدُها
لَيسَ يُحيكُ المَلامُ في هِمَمٍ
أَقرَبُها مِنكَ عَنكَ أَبعَدُها
بِئسَ اللَيالي سَهِرتُ مِن طَرَبي
شَوقاً إِلى مَن يَبيتُ يَرقُدُها
أَحيَيتُها وَالدُموعُ تُنجِدُني
شُؤونَها وَالظَلامُ يُنجِدُها
لا ناقَتي تَقبَلُ الرَديفَ وَلا
بِالسَوطِ يَومَ الرِهانِ أُجهِدُها
شِراكُها كورُها وَمِشفَرُها
زِمامُها وَالشُسوعُ مِقوَدُها
أَشَدُّ عَصفِ الرِياحِ يَسبِقُهُ
تَحتِيَ مِن خَطوِها تَأَيُّدُها
في مِثلَ ظَهرِ المِجَنِّ مُتَّصِلٍ
بِمِثلِ بَطنِ المِجَنِّ قَردَدُها
مُرتَمِياتٌ بِنا إِلى اِبنِ عُبَي
دِ اللَهِ غيطانُها وَفَدفَدُها
إِلى فَتىً يُصدِرُ الرِماحَ وَقَد
أَنهَلَها في القُلوبِ مَورِدُها
لَهُ أَيادٍ إِلَيَّ سابِقَةٌ
أُعَدُّ مِنها وَلا أُعَدِّدُها
يُعطي فَلا مَطلَةٌ يُكَدِّرُها
بِها وَلا مَنَّةً يُنَكِّدُها
خَيرُ قُرَيشٍ أَباً وَأَمجَدُها
أَكثَرُها نائِلاً وَأَجوَدُها
أَطعَنُها بِالقَناةِ أَصرَبُها
بِالسَيفِ جَحجاحُها مُسَوَّدُها
أَفرَسُها فارِساً وَأَطوَلُها
باعاً وَمِغوارُها وَسَيِّدُها
تاجُ لُؤَيِّ بنِ غالِبٍ وَبِهِ
سَما لَها فَرعُها وَمَحتِدُها
شَمسُ ضُحاها هِلالُ لَيلَتِها
دُرُّ تَقاصيرِها زَبَرجَدُها
يا لَيتَ بي ضَربَةً أُتيحَ لَها
كَما أُتيحَت لَهُ مُحَمَّدُها
أَثَّرَ فيها وَفي الحَديدِ وَما
أَثَّرَ في وَجهِهِ مُهَنَّدُها
فَاِغتَبَطَت إِذ رَأَت تَزَيُّنَها
بِمِثلِهِ وَالجِراحُ تَحسُدُها
وَأَيقَنَ الناسُ أَنَّ زارِعَها
بِالمَكرِ في قَلبِهِ سَيَحصِدُها
أَصبَحَ حُسّادُهُ وَأَنفُسُهُم
يُحدِرُها خَوفُهُ وَيُصعِدُها
تَبكي عَلى الأَنصُلِ الغُمودِ إِذا
أَنذَرَها أَنَّهُ يُجَرِّدُها
لِعِلمِها أَنَّها تَصيرُ دَماً
وَأَنَّهُ في الرِقابِ يُغمِدُها
أَطلَقَها فَالعَدُوُّ مِن جَزَعٍ
يَذُمُّها وَالصَديقُ يَحمَدُها
تَنقَدِحُ النارُ مِن مَضارِبِها
وَصَبُّ ماءِ الرِقابِ يُخمِدُها
إِذا أَضَلَّ الهُمامُ مُهجَتَهُ
يَوماً فَأَطرافُهُنَّ تَنشُدُها
قَد أَجمَعَت هَذِهِ الخَليقَةُ لي
أَنَّكَ يا اِبنَ النَبِيِّ أَوحَدُها
وَأَنكَ بِالأَمسِ كُنتَ مُحتَلِماً
شَيخَ مَعَدٍّ وَأَنتَ أَمرَدُها
فَكَم وَكَم نِعمَةٍ مُجَلِّلَةٍ
رَبَّيتَها كانَ مِنكَ مَولِدُها
وَكَم وَكَم حاجَةٍ سَمَحتَ بِها
أَقرَبُ مِنّي إِلَيَّ مَوعِدُها
وَمَكرُماتٍ مَشَت عَلى قَدَمِ ال
بِرِّ إِلى مَنزِلي تُرَدِّدُها
أَقَرَّ جِلدي بِها عَلَيَّ فَلا
أَقدِرُ حَتّى المَماتِ أَجحَدُها
فَعُد بِها لا عَدِمتُها أَبَداً
خَيرُ صِلاتِ الكَريمِ أَعوَدُها