القلبُ بينَ الصَحْبِ أعدَلُ شاهِدٍ
يُرضى وإن كانت شَهادةَ واحدِ
وإذا اتَّهمتَ أمينَ قلبِكَ مَرَّةً
وطَلَبتَ مُؤتَمَناً فَلَستَ بواجِدِ
نَظَرُ القُلوبِ إلى القُلوبِ أصحُّ من
لَحظَاتِ عينٍ للوُجوهِ رَواصِدِ
ولَقد يرى في البُعدِ قلبُ محقِّقٍ
ما لا ترَى في القُربِ عينُ مشاهدِ
وإذا بدَتْ للنَّاسِ مَعذِرةُ الفَتَى
أغنَتْهُ عن بَسْطِ اعتذارٍ عامِدِ
يحتالُ في عُذرِ الصديقِ صديقُهُ
أَيَعافُ مِنهُ قَبُولَ عُذرٍ وارِدِ
عَبِثَتْ بنا الأيَّامُ وهيَ بليَّةٌ
عُظمى وأعظمُها شِفاءُ الحاسدِ
وإذا رَجوتَ منَ الزَّمانِ سَلامةً
فهيَ الصَّلاحُ رَجَوتَهُ من فاسدِ
مَنْ عاشَ في الدُّنيا رأى في يَقْظةٍ
ما لا تَرَى في الحُلمِ عينُ الراقِدِ
يَرِدُ الشَّقاءُ منَ النَعيمِ وإنَّما
ليسَ الشَّقاءُ ولا النعيمُ بخالدِ
إنّي على العَهدِ القديمِ فلم تَحُلْ
تلكَ العُهودُ على حُؤُولِ مَعَاهِد
هيهاتِ لا يَبقَى على مُتقَارِبٍ
مَن كان لا يَبقَى على مُتباعِدِ
عهدٌ قديمٌ قد تَداوَلْنا بهِ
حَقَّ الوراثةِ والداً عن والدِ
ولَرُبَّما سَمَحَ الكريمُ بطارفٍ
من مالهِ عَفواً وضَنَّ بتالدِ
ورِسالةٍ أَنِسَ الفُؤاد بوفدها
أُنْسَ المريضِ إلى الطبيب الوافدِ
عَطَفَتْ على قلبي الكليمِ فحَبَّذا
صِلَةٌ تلقَّتْني بأكرمِ عائدِ
جاءَت بِطيبِ تحيَّةٍ أشهى لنا
نحنُ العِطاشَ منَ الزُلالِ الباردِ
تخَتالُ بين دَقائقٍ ورَقائقٍ
وتَميسُ تحتَ قَلائدٍ وفرائدِ
جَلَتِ العِتابَ على قَطيعةِ هاجرٍ
ولَعلَّ في الهِجرانِ بعضَ فوائدِ
لو لم يكُنْ سَبَبٌ لِعَتْبٍ لم يكن
سَبَبٌ لوَفْدِ رسائلٍ وقصائدِ
هذِهْ بِضاعتُنا التي ما مِثلُها
في سوقِ تاجرِها الخَبيرِ بكاسدِ
كَلِماتُ صِدقٍ في البَيانِ تصرَّفَت
من بَعضِ أبنيةِ الضَميرِ الجامدِ
قد جَدَّدتْ عَقْدَ الوَلاءِ وإنَّهُ
يَبقى فيلزَمُ بعدَ مَوتِ العاقدِ
تِلكَ السريرةُ عُمدةٌ مطلوبةٌ
والغيرُ مَعْها فضلةٌ كالزائدِ