قِفْ فوقَ رابيةٍ تُجاهَ المسِجِدِ
وقُلِ السَّلامُ على ضَريحِ مُحَمَّدِ
واتْلُ الفَواتِحَ فوقَ تُربتهِ التي
حُفَّت بأملاكٍ تَرُوحُ وتَغتَدي
هذا صَفِيُّ اللهِ خيرُ عِبادِهِ
وأبَرُّ كُلِّ مُوَحِّدٍ مُتَعبِدِ
ما زالَ يسعَى كُلَّ يومٍ باحثاً
في يومِهِ عَمَّا يُحاسَبُ في غَدِ
عَلَمٌ من الأقطابِ أصبَحَ مُفرداً
في العالمينَ بفَضلِهِ المُتَعدِّدِ
قد صَحَّ وَضعُ الحُوتِ في لَقَبٍ لهُ
إذ خاضَ في بحر العُلومِ المُزبِدِ
صافي السريرةِ مُخلِصٌ لله في
عَمَلٍ سليمُ القلبِ عَذْبُ المَوْرِدِ
مُتوَاضعٌ فوقَ الكَرامةِ كُلَّما
قامتْ عُلاهُ يقولُ للنفس اقعْدي
لم تُغْوِهِ الدُّنيا فكانَ نَصيبُهُ
نَصَبَ العِبادةِ لا نِصابَ العَسْجَدِ
حَزِنَ القريبُ عليهِ مُلتاعاً كما
حَزِنَ البعيدُ على الحديث المُسنَدِ
لم تبقَ عينٌ في البِلادِ عليهِ لم
تَدمَعْ ولا شَفَةٌ لهُ لم تَحْمَدِ
بيروتُ نُوُحي في الأصائِلِ والضُّحَى
حُزناً عليهِ ولا أقولُ تَجَلَّدي
قد غابَ عنكِ وفيكِ بدرٌ مُشرِقٌ
بدرُ التَمامِ إزاءَهُ كالفَرقَدِ
بدرٌ يدورُ على العُيون فتنجلي
أبصارُها وعلى القُلوب فتَهتَدي
ما عِيبَ قَطُّ بريبةٍ إذ لم يزَلْ
طُولَ الحَياةِ لنفسِهِ بالمَرْصَدِ
يُشكَى إليه ليسَ منهُ فإنَّهُ
عن كل سُوءٍ كانَ مكفوفَ اليدِ
يا أيُّها المَيْتُ الذي يبقى لهُ
في أرضنا ذِكرٌ ليومِ المَوْعدِ
قد مُتَّ في الدُنيا كأنَّكَ لم تَمُتْ
والبعضُ ماتَ كأنَّهُ لم يُولَدِ