يا أيها السفح ماذا يصنع البان

التفعيلة : البحر البسيط

يا أيُّها السَفْحُ ماذا يَصنَعُ البانُ

إذا انتَنَتْ من قُدودِ الحَيِّ أغصانُ

وأنتَ يا أيُّها الحامي العشيرةَ مَن

يَحميكَ إنْ بَرَزَتْ للفَتكِ أجفانُ

حَيَّا الحَيا ذلكَ الحيَّ الذي اجتمَعَتْ

في طَيِّ أبياتِهِ أسْدٌ وغِزْلانُ

لِأَعْيُنِ الغِيدِ شَكلٌ من ظِباهُ وفي

ظُباهُ مِن وَجَناتِ الغيدِ ألوانُ

رَبعٌ إليهِ قُلوبُ النَّاسِ ظامِئَةٌ

من وَجْدِها وَهْوَ بالأنواءِ رَيَّانُ

كأنَّ خِضْرَ بنَ رَعدٍ حلَّ ساحتَهُ

فأرعَدَتْ مُزنةٌ واخضَرَّ بُستانُ

ذاكَ الكريمُ الذي في ظلِّ رايتهِ

أمنٌ وفي أُنسِهِ رَوْحٌ ورَيْحانُ

قد زَارَ بيروتَ فاخَضَرَّتْ جوانِبُها

من شِدَّةِ الخِصْبِ حتى اخضَرَّ لُبنانُ

ذاكَ الذي يُجَتنى في السِّلمِ من فَمِهِ

دُرٌّ ومن سَيفِهِ في الحَرْبِ نِيرانُ

إذا انطفَتْ نارُ حربٍ في النَّهارِ لهُ

قامَتْ لصُنعِ القِرَى في الليلِ نيرانُ

الطاعنُ الخيلَ قد ألقىَ فَوارِسَها

عنها فهُنَّ على الفُرسانِ فُرسانُ

قد علَّمَ السَّيفَ بَذْلَ الجُودِ من يَدِهِ

فالوَحْشُ من حَولهِ والطَّيرُ ضِيفانُ

مُؤَيَّدٌ بيَمينِ اللهِ مُقتدِرٌ

لهُ مَلائِكةُ الرَّحمنِ أعوانُ

تُمسي السُّعودُ قياماً تحت رايتِهِ

كأنَّهُ عندَهُ جندٌ وغِلمانُ

كأنَّ مَنزِلَ خِضْرٍ ذَاتُ فاكِهةٍ

مِنَ الجِنانِ بها نخْلٌ ورُمَّانُ

يستأمِنُ الخائفُ اللاجي إليه كما

يَغنَى الفقيرُ ويُكسَى الخَزَّ عُريانُ

مهذَّبُ النُّطقِِ لا لَغْوٌ يُعابُ بهِ

وللمعاني كما للّفظِ مِيزانُ

حَوَى الإصابةَ في حُكمٍ وفي حِكَمٍ

فكانَ في الكُلِّ يُدعَى يا سُلَيمانُ

يا مَن بَغَى أن يراني تلكَ مَكرمةٌ

لها على كَرَمِ الأخلاقِ بُرهانُ

لقد عَرَفناكَ بالأسماعِ عن بعُدٍ

وكيفَ تَجهَلُ صَوتَ الرَّعدِ آذانُ

هذِهْ عُجالةُ مَدحٍ لو وَفيتُ لهُ

بما اقتَضَى لم يكُنْ يكفيهِ دِيوانُ

قَطَفتُ من طِيبِ رَوضٍ زَهرةً وكَفَى

إذْ ليسَ يَقطِفُ كلَّ الزَّهرِ إنسانُ


نوع المنشور:

شارك على :

المنشور السابق

رضيت من عين ذاك الحي بالأثر

المنشور التالي

أعلمت ما بالقلب من نار الجوى

اقرأ أيضاً