حَمداً لَكَ اللهمّ يا مَن قَد قَضى
لِلنَفس بِالتَسليم في حكم القَضا
حَمداً لَكَ اللهمّ يا رَحمن يا
مُقتَدر يا من عَلى العَرش اِستوى
حَمداً بِهِ نَبلغ عَفواً وَرضى
يا مَن إِذا ما سُئلَ العَفوَ عَفا
يا ساتر العَيب عَلى مَن قَد جَنى
يا قابل التَوبة مِمَّن قَد عَصى
يا عالِماً بِالسرِّ وَالنَجوى وَما
أخفى مِن السرِّ وَما تَحت الثَرى
يا مَن يَرى مِن تَحت أَذيال الدُجى
أَنامل النمل عَلى صُمّ الصَفا
يا خالق الخلق ومُحصيها ومَن
يعلمُ ما تُخفي وما تُبدي وما
يا مالكَ الملكِ ويا ذا الطولِ يا
ذا القهرِ يا ذا العزّ يا ذا الكِبريا
يا كاشف الهمّ الّذي أَوهى القُوى
يا مُبرءَ الداء الّذي أعيا الأُسا
يا مَن عَفا عن آدمٍ لَمّا عَصى
ثُمّ اِجتباهُ وحَباه وهَدى
يا مَن بهِ نوح عَلى الفلك نَجا
لَما طَغى الماءُ على أَعلى الرُبى
يا مُنقِذاً خليلَه حينَ اِلتَجا
مُحتَسِباً إلَيهِ من كَيد العِدا
يا مَن فَدى إِسحاق بالذبح وَقد
كانَ ذَبيحاً ما لَدَيهِ مِن فدى
يا مُنجياً لوطاً وَقَد أَسرى دُجى
بِأَهله وَاللَيل مَسدول الغطا
يا مَن حَبا يَعقوب بالبُشرى وَقَد
شَفى بِها عَينيه إِذ قال عَسى
يا مَن حَبا يوسف عزّاً وَغِنىً
وَعِصمةً بَعدَ العَنا مِمّا جَرى
يا مُهلِكاً عاداً بِريحٍ صَرصَرٍ
وَمنجياً هوداً نَجاة المُرتَضى
يا مَن مِن الصَيحة نَجّى صالِحاً
فَضلاً وَأَردى مِن ثَمودٍ من عَتا
يا مُنقِذاً ذا النُون مِن غَمٍّ نَما
في ظُلُمات البَحر لَمّا أَن دَعا
يا مَن شَفى أَيّوب مِن ضرٍّ بِهِ
حينَ دَعاهُ وَلَهُ ردّ الغِنى
يا مَن بِهِ فازَ شعيب وَنَجا
إِذ أَهلَكت مَدينَ صَيحَةُ الرَدى
يا مَن هَدى مُوسى إِلى النار كَما
قَدَّرَ أَن يَلقى عَلى النار هُدى
يا مَن بِهِ موسى نَجا مِن كُلِّ ما
أَجمعه فِرعون لَمّا أَن طَغى
يا مَن إِلَيهِ خَرَّ دَاود وَقَد
أَنابَ حَتّى نالَ عَفواً وَرِضى
يا مَن حَبا الملك سليمان وَقَد
دانَ لَهُ الطائر مَع وَحش الفَلا
يا مَن لَهُ قَد سَخّر الريح إِلى
أَن جَرت الريح لِأَمره رخا
يا سامِعاً مِن زكرياء النِدا
وَواهباً يحيى لَهُ خَير فَتى
يا واهبَ الحكم ليحيى في الصِبا
وَمانِحاً لَهُ حَناناً وَتُقى
يا مُؤتياً إِلياس مِنهُ رَحمَة
حَيث لَهُ العلم اللَدُنّيّ حَبا
يا مَن بِهِ شعيا وَأَرميا اِحتَمى
يا مَن عَلى يوشع قَد رَدَّ ذُكا
يا مانِح اِليسعَ وَذا الكفل عَلى
قَومِهما صَبراً بِهِ نالا الثَنا
يا رافِعاً عيسى إِلَيهِ عِندَما
أَضمَرت الأَعدا لَهُ كُلَّ الأَذى
يا مَن حَمى أَحمد بالغار كما
قَد رَدَّ مَسعى مَن تَغشّاه سُدى
بِجاههم أدعوكَ يا رَبّ فَلا
تَجعَل رَجائي بِكَ مَفصوم العُرى
بِفَضل كُلّ اِسم دَعاك الأَنبيا
بِهِ بِما فيه مِن السرِّ اِختَبى
يا باسطَ اليدين بالرحمةِ يا
مَن قَسَّم الأَرزاق ما بَين الوَرى
يا مَن يُجيب دَعوة المُضطَرّ ها
قَد وَقف العَبد عَلى باب الرَجا
مَولاي ما لِلعَبد إِلّا بابك ال
أَكرَم يا رَبّ السَماوات العُلى
مَولاي إِنّي عَبدك العاصي الَّذي
أَورده الجَهل مَواريد الرَدى
مَولاي جَمِّلنيَ بِالستر الَّذي
سَترت سرَّ الغَيب فيهِ فَاِختَفى
مَولاي وَاِحفَظنيَ في نَفسي وَفي
ديني وَفي أَهلي وَمالي وَالحجا
مَولاي هَب لي خَير ما مَلَّكتني
وَزِد عَطائي مِنكَ غُفران الخَطا
مَولاي وَفّقني وَأَرشدني إِلى
ما فيهِ لي خَير عَلى وفق الرِضى
مَولايَ حَبّب فيّ مَن أَحببتهم
فَضلاً وَشَرّفني بِحُبّ المُصطَفى
مَولاي جد لي مِنكَ بِالصَبر عَلى
ما أَنا فيهِ مِن تَباريح الأسى
مَولاي إِنّ الكرب أَوهى جلدي
وَالسجن قَد أَحرم أَجفاني الكَرى
مَولاي جُد لي مِنكَ بِالأَمن فَلا
أَخشى العِدى ضرّاً وَإِن أَبدوا قلى
مَولاي أَنقذني مِن السجنِ عَلى
أَحسن حال واِكسني العِزَّ حُلى
بِجاهِ خَير الخَلق طَه المُجتَبى
بِالآل بِالأَصحاب أَقمار الهُدى
بِالأَصفيا وَمَن بِهم نالَ الصفا
بِالأَوليا وَمَن لَهُم مِنكَ الولا
بِمُحكمِ التَنزيل بِالتَوارة بِال
إِنجيل بِالصُحف بِأَسرار النبا
بِنُور عَين الذات في غَين الخَفا
بِمظهرِ الإِحسان في لا كَيفَ لا
بِالعَرش بِالفَرش بِما فَوق السَما
وات بِما في الأَرض أَو تَحت الثَرى
يا رَبّ بِالأَسماء نَدعوك وَبالص
صِفات وَالأَوصاف يا غَوث الوَرى
يا رَبّ إِنّا قَد دَعَوناك كَما
أَمَرتَنا يا رَبّ فاِقبل الدُعا
يا رَبّ إن نَدعُ سِواك لَم يُجب
دُعاءنا مِنهُ سِوى رجع الصَدى
يا رَبّ إِنّا لَكَ نَشكو ما بِنا
مِن شدّةٍ يا مَن إِلَيهِ المُشتَكى
يا رَبّ قَد ضاقَ بِنا الأَمر وَقَد
هَدَّ القوى مِنّا فَلا حَول وَلا
يا رَبّ أَعداك لَنا قَد أَضمَروا
كَيداً فَخَيّب سُوءَ مَسعاهُم سُدى
يا رَبّ أَعداؤُكَ قَد جارَت عَلى
أُمّة مَحبوبك طَه المُجتَبى
يا رَبّ خطبٌ قَد دَهى الأُمّة في
أَوطانِها ظُلمته تغشى السنا
يا رَبّ فاِصرفهُ بِما شئت كَما
تَشاءُ وَاِبعَث لِأَعادينا البلا
يا رَبّ هَبنا راحَةً مِنهُ فَقَد
نِلنا بِما أَقلَقنا مِنهُ العيا
يا رَبّ هَذا الكَرب إن دامَ بِنا
طالَ تَماديه عَلى طُول المَدى
يا رَبّ لا تُشمت بِنا الأَعداءَ يا
أَجلَّ مَن يُرجى لِتَبليغ المُنى
يا مَن هُوَ القَهّار مُردي مَن طَغى
نَظير عادٍ وَثَمودٍ وَسبا
يا رَبّ لَم يَبق لَنا مِن ناصرٍ
سِواكَ يا ذا البَطش عزّاً والقوى
يا رَبّ زادَ الغَمُّ وَالهَمّ بِنا
وَالسِجنُ أصمانا وَقَد طالَ الثوا
يا رَبّ إِنّ اليُسر بَعدَ العُسر قَد
وَعَدتنا فيهِ فَأَنعِم بِالوَفا
يا رَبّ عامِلنا بِما أَنتَ لَه
أَهلٌ وَجُد بِالعَفو وَاِستُر ما مَضى
يا رَبّ قَد عَوَّدتنا اللُطف بِنا
فَجُد بِعاداتك يا كنز العَطا
يا رَبّ ما لَنا سِواك مَلجأ
يا مَن لَه في كُلّ هَولٍ يُلتَجا
يا رَبّ لا تَجعَل لَنا مِن حاجةٍ
إِلّا إِلَيك وَاِكفِنا شَرّ السِوى
يا رَبّ هَبنا رَحمَةً مِنكَ بِها
نَدخُل مِن حرزك في خَير حِمى
يا رَبّ ما لِلمُذنِبين راحِمٌ
سِواكَ يا مَن هوَ رَحمَن السَما
يا رَبّ إِن لَم تَرحَمِ المَلهوف مَن
يَرحَم يا رَحيم ملتاع الحَشا
يا رَبّ إِن لَم تَرحَم الأَطفالَ وَال
عيال فَالوَيل لَهُم مِمَّن عَدا
يا رَبّ ما لِلخائِفين مَأمَن
سِوى حِمى حصنك يا سامي الذرى
يا رَبّ أَنتَ العَون وَالغَوث لَنا
وَالمُرتَجى في شدَّةٍ أَو في رَخا
يا رَبّ فينا اِتّسع الخرق بِلا
رَتق وَقَد ضاقَ بِنا رَحب الفَضا
يا رَبّ هَبنا فَرَجاً نَنجو بِهِ
مِن سعةِ الهَمّ وَضيق المُنتدى
يا رَبّ إِنّ الصَبر مُرٌّ طَعمُهُ
وَإِن يَكُن آجله حُلو الجَنى
ما أعجل المَرءَ وَما ألجَّهُ
في طَلب الماء إِذا أَدلى الدلا
نَحنُ بِدُنيانا سراة في دُجىً
وَفي الصَباح يَحمد القَوم السُرى
وَالمَرء ما بَين ضلالٍ وَهُدى
يَسعى فَإِمّا لِنَعيم أَو شَقا
فَليتَما الساعيَ يَتلو ذاكِراً
أَن لَيسَ لِلإِنسان إِلّا ما سَعى
فَالمَرءُ في دُنياه إِن قَدَّمَ أَو
أَخَّرَ إِنّ سَعيَهُ سَوفَ يُرى
ما لي وَلِلدُنيا بِها أَبغي الغِنى
كُلُّ غِنى غَير غِنى القَلب عنا
ما لي وَدار كُلّها مَحض أَذىً
تَبّاً لَها لا ناقَتي فيها وَلا
ما سَرَّني مِن مالِها ما قَد أَتى
كلّا وَلا آسى عَلى ما قَد مَضى
حَسبي بِها صحّةُ دين وَحجاً
فَإِنَّ كُلَّ الصَيد في جَوف الفرى
يُعاتِبُ الدَهرَ الفَتى جَهلاً وَما
يَعلَم أَنّ الدَهرَ صُبح وَمسا
إِن لَم يَنَل ما يَتَمنّاهُ الفَتى
أَنشد قَولَ بَعضِهم ما كُلُّ ما
أَلَيسَ لِلمَرء اِعتِبار بِالأُلى
مَضوا وَقَد كانوا مَصابيح الدُجى
هلّا رَأى كَيف بِهم حَلّ البِلى
يا لَيت شِعري أَبعينيه عَمى
تُعلّل النَفس أَمانيها وَما
تَعليلها إِن غَلب الداءُ الدَوا
أَين الأُلى شادوا وَسادوا في الوَرى
بانوا فَكانوا عبرة لذي النُهى
أَيقَنت أَن لا شَيء إِلّا لِلفنا
حَتّى الفَنا يَفنى وَلِلّه البقا
يا وارث الأَرض وَمَن فيها وَمَن
يَبعثهم في الحَشر مِن غَير مرا
أَتِح لَنا اللَهمّ مَن في قَلبه
مِن أَثر الرَحمة ما فيهِ النَجا
وَصلِّ يا رَبّ مُسلِّماً عَلى
حَبيبك المُختار أَسما مَن سَما
محمّد أَشرَف راقٍ لِلسَما
أَكرَم مَبعوث عَلى الأَرض مَشى
وَالآل وَالأَصحاب وَالأَحباب وَال
أَنصار وَالأَتباع أَقمار الهُدى
وَمَن يَليهم من أُولي الفَضل وَمن
بَعدهُم قَد كانَ مِن أَهل التُقى
وَمَن بِهِ الإِسلام قَد عَزَّ وَمَن
كانَ لِدينِ الحَقّ في الخلق حمى
أَبهى سلامٍ ما لَهُ حَدٌّ تَلا
أَزكى صَلاةٍ ما لَها مِن مُنتَهى
ما لاحَ فَجر وَتَولّى داجر
وَأَشرَقَت مِن أُفُقٍ شَمسُ ضُحى
ما غَرَّدَت في ورقٍ وُرقُ الحِمى
فَأعرَبَت عَن طيب ذكراهم ثَنا
ما غَرّبت شَمسٌ وَما لَيلٌ دَجا
ما لاحَ نجمٌ أَو سَنا صُبح أَضا
أَو لَمعَ البَرق بِأَعلى رامَةٍ
فَجادَها الغَيث وَحَيّاها الحَيا
أَوفاه بِالحَمد لِساني قائِلاً
حَمداً لَكَ اللَهُمّ يا مَن قَد قَضى