كَرِّرِ اللَومَ عَلَيهِ إِن تَشا
فَهوَ صَبٌّ بِحُمَيّاهُ اِنتَشى
هَزَّهُ بَل أَزَّهُ ذِكرُ الحِمى
فَتَثَنّى طَرَباً بَل رَعَشا
كادَ أَن يَقضي فَجَدَّدتُ لَهُ
ذِكرَ سُكّانِ الحِمى فَاِنتَعَشا
لَستَ عِندي عاذِلاً بَل عادِلٌ
سُرَّ بِالذِكرى فَوَشّى إِذ وَشى
مُغرَمٌ حاوَلَ كِتمانَ الهَوى
وَشُهودُ الدَمعِ لا تَرضى الرُشى
شامَ بَرقَ الشامِ صُبحاً فَصَبا
وَتَراعاهُ عِشاءً فَعَشا
لاحَ وَاللَيلُ بِهِ مُكتَهِلٌ
وَجَنينُ الصُبحِ حَملٌ في الحَشا
وَهِلالُ الأُفقِ يَحكي قَوسُهُ
جانِبَ المِرآةِ يَبدو مِن غِشا
وَحَكى كَيوانُ صَقراً لائِذاً
بِجَناحِ النِسرِ لَمّا فَرَشا
وَكَأَنَّ المُشتَري ذو آمَلٍ
نالَ حَظّاً وَمِنَ البَدرِ اِرتَشى
وَحَكى المَريخُ في صَنعَتِهِ
خَدَّ مَحبوبٍ بِلَحظٍ خُدِشا
وَسَهيلٌ مِثلُ قَلبٍ خافِقٍ
مُكِّنَ الرُعبُ بِهِ فَاِرتَعَشا
وَبَناتُ النَعشِ سِربٌ نافِرٌ
هامَ ذُعراً وَمِنَ النِسرِ اِختَشى
وَالثُرَيّا سَبعَةٌ قَد أَشبَهَت
شَكلَ لَحيانٍ بِتَختٍ نُقِشا
وَوَميضٌ غادَرَت غُرَّتُهُ
أَدهَمَ اللَيلِ صَباحاً أَبرَشا
طَرَّزَ الأُفقَ بِنورٍ ساطِعٍ
أَدهَشَ الطَرفَ بِهِ بَل أَجهَشا
فَتَلاهُ مِن دُموعي وابِلٌ
لا يَزيدُ القَلبَ إِلّا عَطَشا
طَبَّقَ الأَفاقَ حَتّى خِلتُهُ
مِن نَدى أَيدي عَليٍّ قَد نَشا
كاتِبُ السِرِّ الَّذي في عَصرِهِ
سِرُّ دَستِ المُلكِ يَوماً ما فَشا
يَقِظُ الآراءِ مَسلوبُ الكَرى
مُستَجيشُ العَزمِ مَتعوبُ الوَشا
فَالأَماني مِن عَطاهُ تُرتَجى
وَالمَنايا مِن سَطاهُ تُختَشى
خُلُقٌ لَو يَقتَدي الدَهرُ بِهِ
كَحَلَت أَصباحُهُ كُلَّ عِشا
ذو يَراعٍ راعَ آسادَ الشَرى
وَحَشا الأَعداءَ رُعباً قَد حَشا
لا يُراعي ذِمَّةَ الأُسدِ الَّتي
بَينَها في الغابِ قِدماً قَد نَشا
ظَلَّ لِلأُسدِ بِهِ مُفتَرِساً
وَلِأَطوادِ العُلى مُفتَرِشا
أَصبَحَ العَضبُ بِهِ مُرتَعِداً
وَاِنثَنى اللُدنُ بِهِ مُرتَعِشا
فَإِذا أَوحى إِلَيهِ أَمرَهُ
جاءَ طَوعاً وَعَلى الرَأسِ مَشى
كُلَّما تاهَ جِماحاً صَدرُهُ
صَرَّفَتهُ كَفُّهُ حَيثُ يَشا
كَفَلَ الأَيّامَ إِلّا أَنَّهُ
أَيتَمَ الأَطفالَ لَمّا بَطَشا
عَرَبِيٌّ واطِئٌ رومِيَّةً
يُنسِلُ الزُنجَ لَها وَالحَبَشا
يُصبِحُ الرَوضُ هَشيماً كُلَّما
رَقَمَ الطَرسَ بِهِ أَو رَقَشا
ما رَأَينا قَبلَهُ لَيثَ شَرىً
حَمَلَت يُمناهُ صِلّاً أَرقَشا
أَيُّها القاضي الَّذي كادَ القَضا
وَيَدُ الأَقدارِ تَقضي ما يَشا
جُدتَ لي بِالوُدِّ مِن قَبلِ النَدى
مُنعِماً بِالقُربِ لي بَل مُنعِشا
وَبَسَطتَ الأُنسَ لي في زَمَنٍ
كُنتُ مِن ظِلّي بِهِ مُستَوحِشا
فَسَأَجلو ذِكرَكُم في مَوطِنٍ
يَحمَدُ السامِعُ فيهِ الطَرَشا
إِنَّما الذِكرُ طَليقاً مُقعَدٌ
فَإِذا قُيَّدَ بِالشِعرِ مَشى
فَاِستَمِع لِاِبنَةِ يَومَيها الَّتي
جُمِّلَ الفِكرُ لَها بَل جُمِّشا
وَاِبقَ في عِزٍّ مُقيمٍ ظِلُّهُ
بُسِطَ الأَمنُ لَهُ فَاِفتَرَشا
مُستَظِلّاً دَوحَةَ المَجدِ الَّتي
ثَبَتَت أَصلاً وَطابَت عُرُشا