حَوَيتَ الحَمدَ إِرثاً وَاِكتِسابا
وَفُقتَ الناسَ فَضلاً وَاِنتِسابا
فَكيفَ رَضيتَ أَن أَشكوكَ يَوماً
وَأُغلِظ في الكِتابِ لَكَ العِتابا
أُزَجّي الكُتبَ مِن فَذٍّ وَمَثنى
فَلَستَ تُعيدُ عَن خَمسٍ جَوابا
وَأَحسَبُ عَدَّها بِبَنانِ كَفّي
كَذَلِكَ شَأنُ مَن عَمِلَ الحِسابا
فَكَم أوليكَ وُدّاً وَاِعتِقاداً
فَتوليني صُدوداً وَاِجتِنابا
هَدَمتَ القَلبَ ثُمَّ سَكَنتَ فيهِ
فَكيفَ جَعَلتَ مَسكَنَكَ الخَرابا
فَزُرنا إِنَّ مَجلِسَنا أَنيقٌ
يَكادُ يُعيدُ مَنظَرُهُ الشَبابا
يُقابِلُهُ بُخاريٌّ تَلَظّى
فَتَحسَبُ حَرَّ آبٍ مِنهُ آبا
لَهُ تاجٌ يُريكَ النارَ تُجلى
وَتَنظُرُ لِلدُخانِ بِهِ اِحتِجابا
فَوِلدانٌ تُديرُ بِذا مُداماً
وَغِلمانٌ تُديرُ بِذا كِتابا
وَلَيلَتُنا شَبيهُ الصُبحِ نوراً
وَقَد عَقَدَ البَخورُ بِها ضَبابا
كَأَنَّ ظَلامَها بِالشَمعِ فَودٌ
وَقَد وَخَطَ القَتيرُ بِهِ فَشابا
وَيَرفُدُ ضَوءَ شَمعَتِنا غُلامٌ
لَها في اللَيلِ تَحسَبُهُ شِهابا
تَقاصَرَ دونَها قَدّاً وَقَدراً
وَجاوَزَها ضِياءً وَالتِهابا
إِذا اِقتَسَمَ العَقائِرَ مَن لَدَيها
جَعَلنا إِسمَهُ الشَحمَ المُذابا
وَقَهوَتُنا مِنَ المَطبوخِ حِلٌّ
إِذا دُعِيَ الفَقيهُ لَها أَجابا
تَجَلَّت في الزُجاجِ بِغَيرِ خِدرٍ
وَصَيَّرَتِ الحَبابَ لَها نِقابا
وَلَمّا ساقَنا نَظمٌ بَديعٌ
يَسَرُّ النَفسَ خَطّاً أَو خِطابا
جَعَلنا الماءَ شاعِرَنا فَلَمّا
جَرَت في فِكرِهِ نَظَمَ الحَبابا
فَزُرنا تَكمُلِ اللَذّاتُ فينا
وَلا تَفتَح لَنا في العَتبِ بابا
وَلا تَجعَل كَلامَ الضِدِّ عُذراً
تَصُدُّ بِهِ الأَحِبَّةَ وَالصِحابا
فَإِنَّ الراحَ لِلأَرواحِ رَوحٌ
إِذا حَضَرَت لِدَفعِ الهَمِّ غابا
وَمِثلُكَ لا يُدَلُّ عَلى صَوابٍ
وَأَنتَ تُعَلِّمُ الناسَ الصَوابا