سارت حشاشة مهجتي إذ ساروا
والنوم من بعد الأحبة عار
لا تنكر ذل الأعزة في الهوى
إن المحبة ذلة وصغار
وعزيز دمعي شاهد لك أنني
لا ناكث عهداً ولا غدار
نطقت دموعي عن لسان ساكت
في ربعكم وسكوته إقرار
ملكتكم دمعي بغير معوضة
ورضيت بيعاً ليس فيه خيار
وغريرة لم ينتثر ورق الصبا
عن غصنها إلا وفيه ثمار
رحلت إلى العشرين تحسب أنه
ما بعد آحاد الصبا أعشار
قالت أرى ليل الشباب تعسعست
فيه بصبح مشيبك الأنوار
وذوائب الأغصان غير ذوابل
إلا إذا انفتحت بها الأزهار
فأجبتها إن المشيب مبيض
سود الصحائف والشبيبة قار
بعت السواد على البياض فصح لي
في العين قار والفؤاد وقار
شيئان ماداما فليس لغادة
عندي وإن كثر البياض نفار
يا هذه إن الشبيبة موكب
ولى وفي الأكباد منه غبار
إن أصح كأس الصبابة والصبا
فلدي من خمر الغرام خمار
ولرب قافية غضضت جماحها
لما طغت وطغى بها المضمار
اهدى المديح إلى التغزل صفوها
فأتت وليس لصفوها أكدار
جردتها وسللتها فأتت كما
ينسل من نسج القديم عفار
زارت فناخسرو وإن فناءها
حرم يبجل عنده الزوار
ملك يدور به الزمان كأنه
فلك عليه للزمان مدار
لو أثرت قبل الملوك بكفه
باتت بها من لثمهم آثار
بذلن لأفواه الرجال وصانها
شرفاً فلم يلمس بها الدينار
وصيانة البيت العتيق وستره
أن تبذل الأركان والأستار
ففدى لقطب الدين مالك دولة
شغلته عن أوتاره الأوتار
وعصابة من حاسدي أيامه
طاروا وما قضيت لهم أوطار
إن فقت جنساً أنت منه فأحمر ال
ياقوت نوع جنسه الأحجار
أغنى صباحك عن سنى مصباحهم
بالشمس يخفى الكوكب الغرار
يا سائلي عمن لقيت من الورى
نقدي محك للورى وعيار
ألمم بقطب الدين تعرف فضله
وعلى العيان تحيلك الأخبار
متيقظ حزماً يصيب فرأيه
أبداً على ليل الخطوب نهار
وإذا عفا عمن هفا لم يختلج
في صدره إصر ولا إصرار
جمع النزاهة من حلاه ثلاثة
جيب وذيك طاهر وإزار
واختص بالفعل السفيه ثلاثة
جود له وأسنة وشفار
في فضل منطقه وفضل فعاله
تتنزه الأسماع والأبصار
ما في مقالته ولا في فعله
حاشاهما زور ولا أوزار
خف من سكينته فتحت سكونها
موج يهيج ومزبد تيار
ومهند ما لان ملمس متنه
إلا وغر العين منه غرار
ملك القلوب برأفة ومهابة
جمع السياسة ماؤها والنار
كم منة لك لا يزال أخو الغنى
يغتاظ من حسد لها ويغار
وأرحت فكرته ولكن راحة
تعبت بها في شكرك الأفكار
وشفعتها بمكارم جاءت ولم
يعبث بهز غصونها التذكار
حكم التسرع أن تكون ثمارها
بدرية ومسيرهن بدار
جاءت سوابقها ولم يعرق لها
خد ولم يبلل لهن عذار
فقر أرق بعثتها لمعينها
كالغانيات وعونها أبكار
صانت علاك فدار منها بالعلى
سور وفي يمنى يديك سوار
لا تستمع غير الذي أنا قائل
فبقدره تتفاوت الأقدار
ما كل من وزن الكلام بشاعر
في العود ما لا يعرف النجار
كثر الدخيل على جواد مفرق
لا داحس معه ولا الخطار
إن أجدبت أفكارهم أو أخلبت
فأنا الذي قطراته أنهار
فكر خواطره كراحتك التي
من صوبها صوب الحيا يمتار
ولقد ظفرت من المديح بمعدن
يأتيك جوهره كما تختار
بفصاحة عربية وبلاغة
أدبية ينبوعها مدرار
أحرزتها من دون غيرك فاحتفظ
فلكل بز مشتر وتجار
مروا بها وأثرتها فظباؤها
قنص إلى شرك الجميل يثار
أصبحت عند سواك أدعى شاعراً
والعلم تطمس نوره الأشعار
تعب الزمان علي حتى جاء بي
فرداً وحيداً ليس لي أنظار
خلصت سلافة ما أقول من القذى
لما تولت عصرها الأعصار
حاسب ضميرك إن خلوت وقل له
غيري يباع وداده ويعار
لست القدير على الكلام المنتقى
لتسهلن لمدحك الأوعار
ولتسمعن بكيمياء فصاحة
مكنوزة قيراطها قنطار
فاسعد بعام قابلتك سعوده
والبشر ينطق عنه والإسفار