صفو الحياة وإن طال المدى كدر

التفعيلة : البحر البسيط

صفو الحياة وإن طال المدى كدر

وحادث الموت لا يبقي ولا يذر

وما يزال لسان الدهر ينذرنا

لو أثرت عندنا الآثار والنذر

فلا تقل غرة الدنيا مطامعها

فبائع الموت لا غش ولا غرر

كم شامخ العز ذاق الموت من يدها

ما أضعف القدر إن ألوى به القدر

أودى علي وعثمان بمخلبها

ولم يفتها أبو بكر ولا عمر

خافوا من الأجل المحتوم ما نطقت

بذكره أحرف القرآن والسور

ومن أراد التناسي في مصيبته

فللورى برسول الله معتبر

لا قدست ليلة كادت صبيحتها ال

أكباد حزناً على أيوب تنفطر

تمخض الدست عن أم النوائب عن

كبيرة صغرت في جنبها الكبر

نجم هوى في سماء الدين منكدراً

والنجم من أفقه يهوي وينكدر

منظومة أنجم الجوزاء من جزع

لها وعقد الثريا منه منتثر

يا أيها الحرم المهجور أين مضى

وفد إليك لهم حج ومعتمر

وكيف صدت وجوه كنت قبلتها

وأغلقت دونها الأبواب والحجر

وكيف تنسى محياك الكريم ومن

نعماك في كل شيء صالح أثر

وإن صورة ذاك الوجه ماثلة

في العين والنفس مهما زالت الصور

هانت بوادر دمع العين في ملك

يا طال في جوده ما هانت البدر

يردي العطايا ويسمو قدر همته

على الخطايا ويعفو وهو مقتدر

جددت من أسد الدين الشهيد لنا

حزناً به يتوافى الصبر والصبر

قد كان للدين والدنيا بعزمكما

عزم يعبر عنه الصارم الذكر

نهر الفرات ونهر النيل بينهما

أسرى بخيلكما والنقع يعتكر

يا زائراً مشهد القبرين نادهما

إن أسمعت صوتك الأجداث والحفر

وأقر السلام عن الإسلام قاطبة

على جسوم بها الأثواب تفتخر

فهل يخبر أكناف البقيع بها

أم يستبد عليها الحجر والحجر

إن فاح مسكاً فلاما تمزجان به

مسكاً ذفيرة أيوب هي العبر

تخفى ذبال مصابيح إذا طلعوا

صبحاً وينسى ملوك الأرض إن دثروا

كأنما صور الله الكمال به

شخصاً وشنف منه السمع والبصر

إذا الليالي تجافت عن حشاشته

فالجرح مندمل والجرم مغتفر

الناصر الناصر الدين الذي فتحت

له الثغور ولم ينبت له ثغر

لا شوبك منه معصوم ولا كرك

ولا خليل ولا قدس ولا زعر

لم يرتحل قافلاً إلا وساكنها

إما مباح حماه أو دم هدر

يا ناصر الحق والأيام خاذلة

إن العزيز بغير الدمع ينتصر

هب الليالي أماناً من سطاك فقد

تصاحبت في الفلاة الشاة والنمر

إن يجن صرف الردى ذنباً وفاقرة

فإنه بصلاح الدين يغتفر

إن جل أمر فأنتم قائمون به

أو قل صبر فأنتم معشر صبر

وما الحياة كما لا تجهلون سوى

صحيفة شرحها بالموت مختصر

ما مات أيوب إلا بعد معجزة

في الخلق لم يؤتها من جنسه بشر

مضى حميداً من الدنيا وليس له

في رتبة طرب منها ولا وطر

وأشرف العمر ما امتدت مسافته

في صحة أخواها العقل والكبر

ومن سعادته أن مات لا سأم

يضج منه معانيه ولا ضجر

صلى الإله على نجم أضاء لنا

من نسله النيران الشمس والقمر


نوع المنشور:

شارك على :

المنشور السابق

إن قصر الشكر فهب عذرا

المنشور التالي

ليالي بالفسطاط من شاطئي مصر

اقرأ أيضاً

به سحر يتيمه

بِهِ سِحرٌ يُتَيِّمُهُ كِلا جَفنَيكَ يَعلَمُهُ هُما كادا لِمُهجَتِهِ وَمِنكَ الكَيدُ مُعظَمُهُ تُعَذِّبُهُ بِسِحرِهِما وَتوجِدُهُ وَتُعدِمُهُ فَلا هاروتَ…

متى كان الخيام بذي طلوح

مَتى كانَ الخِيامُ بِذي طُلوحٍ سُقيتِ الغَيثَ أَيَّتُها الخِيامُ تَنَكَّرَ مِن مَعارِفِها وَمالَت دَعائِمُها وَقَد بَليَ الثُمامُ تَغالى…