لما أدار مدامة الأحداق
دبت حميا نشوة الأخلاق
جار المدير لها ولو عدل الهوى
في حكمه لامت جوار الساقي
ظبي أعار الليل طرة شعره
وأمد ضوء الصبح بالإشراق
وسنان ذاب السحر في آماقه
وأذاب ماء الروح في آماقي
كتب الجمال على صحيفة خده
عذر المحب وحجة المشتاق
ما كنت أدري قبل رؤية وجهه
أن الخدود مصارع العشاق
أشفقت من إعراضه وصدوده
فوقعت فيما خفت من إشفاقي
وافقته مذ كان وهو مخالفي
فأعجب لطول خلافه ووفاقي
خلق من الأيام معروف لها
مازال يجزي طاعة بشقاق
وافقتها زمن الشباب فأقسمت
لا كان رفق العيش بعض رفاقي
وصحبتها بعد المشيب فأخفقت
منها المطامع أيما إخفاق
ولقد كشفت لها قناع قناعة
خلعت رداء العجز والإملاق
وركبت أعجاز القوافي طالباً
بصدورها شرف الحياة الباقي
وإلى أبي الغارات واهنت الخطا
أيدي جيادي بالثناء رباقي
مولى الملوك الصالح الهادي إلى
شرع الندى ومكارم الأخلاق
يممت ساحته التي لاقى الغنى
فيها كساد مدائحي بنفاق
ولثمت راحته التي قسمت بها
معلومة الآجال والأرزاق
أحيا بها وأمات حتى خلتها
جمعت زعاف السم والدرياق
والغيث ينبوع الحياة وطالما
وافى مع الإغراق بالإحراق
ملك أصوغ مديحه من شعره
فصلاته عندي بلا استحقاق
لما علقت به وثقت بمنعم
أمسى كريم العهد والميثاق
أعتقت من رق الملوك مطامعي
ورميت عصمة ودهم بطلاق
أما وقد أصبحت من خدامه
فالشام شامي والعراق عراقي
فإذا حنت مصر علي وربها
فالأرض داري والسماء رواقي
من مبلغ اليمن الذي فارقته
ما غاب عنه من حديث فراقي
إني وردت الجود يفهق بحره
وشربت من كأس الغنى بدهاق
في ظل فياض المواهب أبلج
حلت يداه من الزمان وثاقي
أنسيت حين وردت غمر نواله
ما اعتدت من ثمد ومن رقراق
للناصر بن الصالح الشرف الذي
فاقت به مصر على الآفاق
ملك إذا استثنى أباه وجده
فضل الورى طرأً على الإطلاق
أنظره أو فانظر أباه تجدهما
سيين في شرف وفي أخلاق
من آل رزيك الذين سما بهم
شرف لنيل العز والأعراق
من دوحة المجد التي أغصانها
مجحدية الثمرات والأوراق
آساد حرب لم ترع بكريهة
وبدور مجد لم تشن بمحاق
أضحى بمحيي الدين كل معاند
وفؤاده كلوائه الخفاق
عضد الإمام ومجد الإسلام الذي
يرمي عيون عداه بالإطراق
الفارس المزري بكل منازل
في يوم معركة ويوم سباق
والواضع الأرماح بعد نباله
في الدرع بين ترائب وتراق
من لا يروعه الهياج إذا التقى
والتف ساق في الجلاد بساق
شاهدت في الميدان مثل فعاله
في الحرب بين ذوابل ورقاق
يرمي ويطعن جامعاً في حالة
عمل النصال الزرق والأفواق
بموارق من نبله شبهتها
برماحه في المعشر المراق
في ظهر وردي الأديم كأنه
برق تألق في متون براق
ملك إذا جادت سماء نواله
أزرت بصوب الوابل الغيداق
لا أشتكي ظمأ الأماني بعدما
روت سحائبه ثرى إملاقي
من شاكر عني نداه فإنني
عن شكر ما أولاه ضاق نطاقي
منن تخف عليه إلا أنها
نقلت مؤونتها على الأعناق
قد كنت حراً قبل أنعمه التي
حكمت عوارفهن باسترقاقي
فالله يبقيه ووالده فقد
سادا ملوك الأرض باستحقاق