في كلّ يومٍ للمنون صَولةٌ
فينا وخَطبٌ بالفراق فادحُ
وزفرةٌ موصولةٌ بزفرةٍ
ومدمعٌ على الخدود سافح
وحسرةٌ على الذين أصبَحَتْ
تعلُوهم من الصَّفا صفائح
وأراهم التربُ وكانوا أنجُماً
كما تضيء بالدُّجى مصابح
وكلُّ يومٍ وَجْهُ خطبٍ كالحٍ
وللخطوب أوْجهٌ كوالح
نُدفَعُ بالرّغم إلى رزيَّةٍ
محاسن الدُّنيا بها مقابح
نمزح بالدَّهر وذا صرف الرَّدى
لا هازل فينا ولا ممازح
ونحنُ عنه أبداً في غفلةٍ
تلهو كما يلهو البهيم السَّارح
نوضح في اللَّهو لنا معذرة
وما لنا في اللَّهو عذر واضح
وفي المنايا للفتى روادع
زواجرٌ عن غيّه نواصح
لا يغفل الإِنسان عن مزلقة
لو كانَ للإنسان عقلٌ راجح
يغتاله دون المنى حمامه
وطرفه إلى الحمام طامح
أيجهل الأَمر على علمٍ به
والجهل بالعاقل عَيبٌ فاضح
يا رفعةً بقيت لي في رفعةٍ
من دونها انحطَّ السّماك الرَّامح
إنِّي أُعَزِّيكَ بخالٍ قد خلا
وما خلا منه اللِّسان المادح
وكلُّ من يرجو البقاء بعده
فذاك غادٍ بعده ورائح
لا بدَّ أنْ تبكي عليه أَعيُنٌ
وأنْ تنوحَ بعده النوايح
سقاه من وَبْل الغمام صيّبٌ
تروى به الآكام والأَباطح
عَزَّيتُك اليوم به مُؤَرِّخاً
لمَّا مضى إلى الجنان صالح