حتى أنت يا بروتس

لا شك أن الخيانة تسبب للمرء أقسى أنواع الألم النفسي ، فحينما يثق الفرد بغيره ، يفضي له بكل ما في نفسه من أسرار ويعتبره مرآته التي ينظر بها ، فكيف إذا كانت هذه المرأة مثقوبة أو مذبذبة الرؤية ، والخيانة من أبشع الآفات التي تصيب الفرد بخيبة الأمل وتجعله يفقد الثقة في نفسه وفي الآخرين من حوله ، وهناك العديد من الأمثال التي ضربت في تلك الآفة الأخلاقية الكبيرة ومنها هذا المثل .

قصة المثل :
يُقال أن يوليوس قيصر القائد الروماني العظيم الذي جلب النصر والفتوحات لروما قتل في أخر حياته غدرًا بالرغم من كل إنجازاته لشعبه وبلده ، لكن الطمع والجشع ، وحب السلطة والثروة فتكوا بقلوب بعض القادة المقربين منه ، وقادوهم لاغتياله بخطة شيطانية ، وحتى لا يتهم واحدًا منهم بقتله أُتفق كليهما على أن لكل واحد من قاتليه طعنة يطعنها له فيتفرق دمه بينهم .

وكان أخر من طعنه منهم واحدًا من أحب أصدقائه إليه وأقربهم ، وهو بروتوس ابن ماركوس جونيوس وكان يلقب ببروتس العظيم ، وكان هو الشخص الأقرب إلى قلب يوليوس قيصر حتى قيل أنه كان يعامله كابنه لكثرة ما أغدق عليه ، ومنحه من الأوسمة والمناصب .

وقد كان قيصر نفسه يعتقد بأن بروتس ابنه لأنه في الفترة التي ولد فيها كان قيصر على علاقة بسرفيليا أمه ، ولعل هذا الأمر الذي جعل بروتس يوافق على الاشتراك في تلك المؤامرة لأن قيصر أفسد سمعة أمه ، وقل في نظر روما ، ويصف المؤرخون لحظة القتل  حينما نظر يوليوس قيصر في عيني صديقه الذي كان يحبه وهو يقول :

حتى أنت يا بروتس ؟

فأجابه : إني أحبك لكني أحب روما أكثر ، فما كان من القائد العظيم إلا أن قال : إذا فليمت قيصر .


نوع المنشور:

شارك على :

المنشور السابق

ها أنا عدت إلى حيث التقينا

المنشور التالي

قد نأى عني الذي يرحمني

اقرأ أيضاً