صاح إن الخطوب في غليان
فبماذا يَطّرِق المَلَوان
جلّ ربّ الأنام في كل يوم
هو من كبريائه في شان
خالق الكون ذو الجلال قديم
واحد عنده القرون ثوان
كل ما ضمّ ملكه كلماتٌ
وإليه انتهت جميع المعاني
نسمع اليوم للخطوب أزيزاً
كأزيز القدور في الفوران
إنني مبصرٌ تباشير صبح
مستفيض على ظلام الأماني
ليس تلك الدماء في الحرب إلا
شفقاً من ضيائه الأرجواني
إنني أستشف من غِيَر الده
ر انقلاباً يعمّ كل مكان
سيلوح الداني به وهو قاص
ويلوح القاصي به وهو دان
ويكون المُعَزّ غير مّعَزاً
ويكون المُهان غير مهان
وسيغدو الضعيفُ محترَمَ الح
قّ ويمسي الظلوم في خسران
والثريا ستعتلي في أمان
من عِداء العَيّوق والدَبَران
وستبدو أم النجوم رءوماً
يتدانى من نورها الفرقدان
يتجلّى ربّ السموات والأر
ض علينا بعدله والحنان
فيبوء المستعمرون بخُسرٍ
وتضيء البلاد بالعُمران
معشر العرب أين أنتم من القو
م إذا ما تمّ انقلاب الزمان
أنيام والدهر يفتح فيكم
من جديدَيْه مقلَتيْ يقظان
نقض القوم عهدكم قبل هذا
واستخفُوا بحفظه في صوان
واستهانُوا بالوعد إذ أخلفوه
واستغلّوا دفائن الأوطان
وأقاموا بها قواعد جوٍّ
لاحتشاد الجنود والطيران
ثم بثّوا بها العيون يعيثو
ن فساداً في سُوحها والمباني
ثم ساروا في حكمها سير فُلك
هم بها آخذون بالسُكّان
كل هذا وأنت مستقلّو
ن بزعم من عندهم وامتنان
قيّدوكم لنفعهم بعهود
ناطقات من أسركم بلسان
أوثقوكم بها إِساراً وقالوا
ليس هذا لكم سوى إحسان
ليس تلك العهود يا قوم إلا
كعهود الذئاب للحملان
أفلا تذكرون من أوّليكم
أنَفاً من مسيسهم بهوان
يوم سادوا والعز فيهم يُماشي
ضربهم بالمُشَطَّب الهندواني
وتعالت راياتهم خافقاتٍ
في جيوش عنا لها الخافقان
فانهضوا اليوم مستجدّين مجداً
كالذي كان دونه القمران
إن للمجد في المساعي محَلاً
عالياً لا يحلّه المتواني
قل لمن رام صدعنا بشقاق
أنت كالوعل ناطح الصفوان
ويك إن الإسلام أوجد فينا
وحدة مثل وحدة الرحمن
فاعتصمنا منها بحبلٍ وثيقٍ
هو حبل الإخاء والأيمان
ليس معنى توحيدِنا اللهَ في الملّ
ة إلا اتحادَنا في الكيان
فلهذا نعم لهذا لهذا
نحن دَنّا بوحدة الديّان
وحدة لا يَفُلّها المتوالي
من صروف الدهور والأزمان
وحدة جاءنا من الله فيها
مرسل بالكتاب والفرقان
فهدانا بها إله قديم
واحد عنده القرون ثوان
ما نرى سلطة علينا لخلقٍ
غير سلطان خالق الأكوان