أَلا إِنَّ رَبّي قَوِيٌّ مَجيدُ
لَطيفٌ جَليلٌ غَنِيٌّ حَميدُ
رَأَيتُ المُلَوكَ وَإِن عَظُمَت
فَإِنَّ المُلوكَ لِرَبّي عَبيدُ
تُنافِسُ في جَمعِ هَذا الحُطامِ
وَكُلٌّ يَزولُ وَكُلٌّ يَبيدُ
وَكَم بادَ جَمعٌ أُلو قُوَّةٍ
وَحِصنٌ حَصينٌ وَقَصرٌ مَشيدُ
وَلَيسَ بِباقٍ عَلى الحادِثاتِ
لَشَيءٍ مِنَ الخَلقِ رُكنٌ شَديدُ
وَأَيُّ مَنيعِ يَفوتُ الفَنا
إِذا كانَ يَفنى الصَفا وَالحَديدُ
أَلا إِنَّ رَأياً دَعا العَبدَ أَن
يُنيبَ إِلى اللَهِ رَأيٌ رَشيدُ
فَلا تَتَكَثَّر بِدارِ البِلى
فَإِنَّكَ فيها وَحيدٌ فَريدُ
أَرى المَوتَ دَيناً لَهُ عِلَّةٌ
فَتِلكَ الَّتي كُنتَ مِنها تَحيدُ
تَيَقَّظ فَإِنَّكَ في غَفلَةٍ
يَميدُ بِكَ السُكرُ فيمَن يَميدُ
كَأَنَّكَ لَم تَرَ كَيفَ الفَنا
وَكيَفَ يَموتُ الغُلامُ الجَليدُ
وَكَيفَ يَموتُ المُسِنُّ الكَبيرُ
وَكيفَ يَموتُ الصَغيرُ الوَليدُ
وَمَن يَأمَنُ الدَهرَ في وَعدِهِ
وَلِلدَهرِ في كُلِّ وَعدٍ وَعيدُ
أَراكَ تُؤَمِّلُ وَالشَيبُ قَد
أَتاكَ بِنَعيِكَ مِنهُ بَريدُ
وَتَنقُصُ في كُلِّ تَنفيسَةٍ
وَأَنتَ بِظَنِّكَ فيها تَزيدُ
وَإِحسانُ مَولاكَ يا عَبدُهُ
إِلَيكَ مَدى الدَهرِ غَضٌّ جَديدُ
تُريدُ مِنَ اللَهِ إِحسانَهُ
فَيُعطيكَ أَكثَرَ مِمّا تُريدُ
وَمَن شَكَرَ اللَهَ لَم يَنسَهُ
وَلَم يَنقَطِع عَنهُ مِنهُ المَزيدُ
وَما يَكفُرُ العُرفَ إِلّا شَقِيٌّ
وَما يَشكُرُ اللَهَ إِلّا سَعيدُ