سهر أصابك بعد طول نعاس

التفعيلة : البحر الكامل

سَهَرٌ أَصابَكَ بَعدَ طولِ نُعاسِ

لِصُدودِ أَغيَدَ فاتِنٍ مَيّاسِ

مِثلُ القَضيبِ عَلى الكَثيبِ مُهَفهَفٌ

مِن بانَةٍ أَو مِن فُروعِ الآسِ

كَالبَدرِ يَأتَلِقُ الضِياءُ بِوَجهِهِ

ما شانَ وَجنَتَهُ سَوادُ نُحاسِ

يَرمي فَما يَشوي وَيَقتُلُ مَن رَمى

بِسِهامِ لا هَدَفٍ وَلا بُرجاسِ

كَم لَيلَةٍ أَحيَيتُها بِحَديثِهِ

وَلَذيذِ رَشفٍ عِندَ ذَوقِ الكاسِ

ما غَمَّضَت عَينٌ لِفَقدِ خَيالِهِ

وَالقَلبُ فيهِ بَلابِلُ الوَسواسِ

كُلُّ الدَلالِ مِنَ الحَبيبِ مُعَشَّقٌ

إِلّا دَلالُ صُدودِهِ وَالياسِ

إِن كانَ جِدّاً مِنهُ سالَت مُهجَتي

أَو كانَ هَزلاً ما بِهِ مِن باسِ

وَلَسَوفَ يَذكُرُ خالِياً أُنسي بِهِ

وَخَلاءَهُ مِنّي وَمِن إيناسي

وَتَرُدُّهُ سَهلاً إِلَيَّ عَطائِفٌ

كَم قَد عَلِقنَ لَنا بِقَلبٍ قاسِ

وَلَقَد شَرِبتُ بِطارِفي وَبِتالِدي

وَسَبَأتُها بِكراً بِغَيرِ مِكاسِ

وَلَقَد أُنادِمُ خَيرَ شَربٍ كُلُّهُم

دَجَنوا بِحُسنِ خَلائِقِ الجُلّاسِ

أَموالُهُم مَبذولَةٌ لِضُيوفِهِم

إِنَّ الكَريمَ مُسامِحٌ وَمُواسِ

وَلَقَد أَلِفتُ خَلائِفاً وَبَطارِقاً

أَنِسوا بِكِتماني لِلِاستِئناسِ

وَلَقَد صَبَرتُ عَلى صَديقٍ فاسِدٍ

ناهيكَ مِن نَكسٍ وَمِن إِتعاسِ

إِن قُدتَهُ يَأبى عَلَيكَ حِرانُهُ

أَو لِنتَ عَضَّ عَلى شَكيمِ الفاسِ

لا يَحمَدُ الرَجَلُ المُحِبُّ صَديقَهُ

مِثلَ الزُلالِ لِذائِقٍ أَو حاسِ

حَتّى يَراهُ لِغَيظِهِ مُتَجَرِّعاً

يَحبوهُ في يُسرٍ وَفي إِفلاسِ

وَلَقَد أَقولُ لِمَن يُسَدِّدُ رُمحَهُ

خُذها كِفاحاً مِن يَدَي جَسّاسِ

وَلَقَد شَدَدتُ إِذا الهُمومُ تَضَيَّفَت

رَحلي بِكورِ عُذافِرٍ جِرفاسِ

قَرمٍ إِذا نَكِرَتهُ أُمٌّ مَرَّةً

عَرَفَتهُ أُخرى في دِيارِ أُناسِ

دَرَّت عَلَيهِ غَزيرَةً ضَرّاتُها

تُروي الهُيامَ بِمِحلَبٍ وَعِساسِ

وَلَقَد رَكِبتُ البَحرَ في أَمواجِهِ

وَرَكِبتُ هَولَ اللَيلِ في بَيّاسِ

وَقَطَعتُ أَطوالَ البِلادِ وَعَرضَها

ما بَينَ سِندانٍ وَبَينَ سِجاسِ

وَلَقَد رَأَيتُ وَقَد سَمِعتُ بِمَن مَضى

فَإِذا زُرَيقٌ سَيِّدُ السُوّاسِ

فَاِفخَر بِهِ وَبِمِصعَبٍ وَحَليفِهِ

إِنَّ الحُسَينَ أَجَلُّ مِن نَشناشِ

لَولا الحُسَينُ وَمُصعَبٌ وَقَبيلُهُ

ما قامَ مُلكٌ في بَني العَبّاسِ

وَبِذي اليَمينَينِ الَّذي ما مِثلُهُ

لِمُشيرِ أَخماسٍ إِلى أَسداسِ

يَبغي عَلِيّاً إِذ أَتى في جَحفَلٍ

حِنقينَ أَهلِ شَراسَةٍ وَمِراسِ

فَبَدا بِجَدِّهِمُ فَدَقَّ شَباتَهُ

داسوا أَبا يَحيى أَشَدَّ دِياسِ

وَاِنحَطَّ يَطلُبُ بابِلاً وَمَليكَها

فَأَحاطَ بِالمَلِكِ الخَليعِ الناسي

داجاهُ حيناً عَلَّهُ أَن يَرعَوي

فَأَبى وَمالَ إِلى الهِجَفِّ الجاسي

قَد كانَ حِلمُ أَخيهِ حِلماً واسِعاً

غَمَرَ المُلوكَ وَسائِرَ الأَجناسِ

لكِنَّهُ أَصغى لِهَرثَمَةَ الَّذي

خَلّاهُ بَينَ صِرارِيٍ أَطفاسِ

فَأَتَت قَوارِبُ طاهِرٍ فَتَشَبَّثَت

بِخَليفَةِ الخِصيانِ وَالنَسناسِ

لا كَوثَرٌ أَغنى وَلا أَشياعُهُ

مِن رَهطِ بَيدونٍ وَلا فِرناسِ

فَرَمى الأَمينُ بِنَفسِهِ في دِجلَةٍ

يَرجو النَجاءَ فَصارَ في الديماسِ

مَن كانَ يَدري أَنَّ آخِرَ أَمرِهِ

يَبقى أَسيراً في يَدِ الحُرّاسِ

بَل كَيفَ يَنجو وَالمُطالِبُ طاهِرٌ

بِمَواقِفِ الأَرصادِ وَالأَحراسِ

فَسَعى إِلَيهِ مُبَشِّراً بِمُحَمَّدٍ

عَجِلاً فَقالَ لَهُ اشفِني بِالراسِ

ما فَوقَ ذا مَجدٌ يَصولُ بِهِ امرُؤٌ

فَرَّ المُماجِدُ مِن مُدى الأَحراسِ

ما حَلَّ مُذ عَقَدَ الزُرَيقُ إِزارَهُ

حَتّى اِستَقَرَّت كَرَّةُ الأَفراسِ

هَذي المَكارِمُ لا عَروسٌ هَمُّهُ

عَزفٌ وَقَصفٌ طاعِمٌ أَو كاسِ

وَأَبوكَ هَدَّ جُموعَ نَصرٍ كُلَّها

وَاِبنِ السَرِيِّ وَعَسكَرى قِرياسِ

فَتَحَ البِلادَ صَغيرَها وَكَبيرَها

مِنها الطُوانُ إِلى مَحَلِّ الماسِ

مَلَكَ المَشارِقَ وَالمَغارِبَ عَنوَةً

يُدعى لَهُ بِمَنابِرٍ وَكَراسي

حَتّى إِذا سَلِمَت مَغارِبُها لَهُ

وَصَفَت مِنَ الفُجّارِ وَالأُنّاسِ

زارَ العِراقَ وَلَم يَطِنها مَنزِلاً

وَأَتى الشَراةَ فَأَمسَكَت بِحِداسِ

فَأَقامَ حَتفاً لِلمُسيءِ وَرَوضَةً

لِلمُحسِنينَ كَرَوضَةِ البَسباسِ

لَو لَم يَقُم في الناسِ إِلّا واحِدٌ

ما قامَ مِثلُ أَبيكَ بِالقِسطاسِ

لَو عُدَّ فَتحُ المازِيارِ وَمِثلِهِ

أَفنى العِدادُ كَراسِفَ الأَنقاسِ

وَثَوى أَخوكَ وَقَد تَوافى عِندَهُ

كَرَمُ الكِرامِ وَبَأسُ أَهلِ الباسِ

ما طاهِرٌ إِلّا أَبوهُ وَجَدُّهُ

بَرَعوا ثَلاثَتُهُم عَلى ذا الناسِ

وَلَقَد لَحِقتَ وَلَم تُقَصِّر دونَهُم

بَل قَد عَلِقتَ بِثُغرَةِ الأَضراسِ

وَلَقَد لَبِستَ عَساكِراً بِعَساكِرٍ

بِالغورِ فيها سادَةُ الوَسواسِ

فَرَمَوا وَجالوا بِالقَنا وَتَثاقَفوا

بِسُيوفِهِم مِن بَعدِ طولِ دِعاسِ

وَتَعافَسوا مَن كانَ طاحَ سِلاحُهُ

وَالنَفسُ تَتلَفُ عِندَ كُلِّ عِفاسِ

وَالخَيلُ تُجمِرُ بِالفَوارِسِ وَالقَنا

يَخلُجنَ خَلجَ البِئرِ بِالأَمراسِ

وَالمَوتُ يَأشِرُ بِالسُيوفِ كَأَنَّها

بَرقٌ يَلوحُ عَلى ظُهورِ تِراسِ

وَتَرى المَنِيَّةَ كالِحاً أَنيابُها

ثَكلى تَمَخَّضُ مُطفِلاً بِنِفاسِ

فَقَتَلتَ جَيشَهُمُ وَجِئتَ بِسَيبِهِم

وَتَرَكتَهُم بِالغورِ كَالأَكداسِ

وَمَتى يَهيجُ مَعاشِرٌ تَرعاهُمُ

عَلِقوا بِشَغبِ وَساوِسِ الخَنّاسِ

نَكَّلتَ بِالرُؤَساءِ مِنهُم جَهرَةً

كَي ما تُسَكِّنَ شِرَّةَ الرَجّاسِ

وَلَقَد يَقولُ ذَوُ الحِجى لِسَفيرِهِم

حُثَّ المَطِيِّ بِواضِحٍ مَرّاسِ

فَإِذا لَقيتَ مُحَمَّداً فَاسجُد لَهُ

لا غَروَ مَن صَلّى أَبا العَبّاسِ

مَلِكٌ تَرى الأَملاكَ حَولَ رِكابِهِ

يَمشونَ قَد حَبَسوا مِنَ الأَنفاسِ

يَقضي الأُمورَ وَلَيسَ يُسمَعُ نَبسَةٌ

بِخِلالِ أَشوَسِ في المَحَلِّ الشاسي

كَالدَهرِ صِرفُ ثَوابِهِ وَعِقابِهِ

في العالَمينَ لِجارِحٍ أَو آسِ

وَلَقَد عَلا فَوقَ الفَراقِدِ بَيتُهُ

وَعَلى الحَضيضِ قَواعِدُ الآساسِ

وَسَما فَنالَ المَجدَ حَتّى مالَ لي

حَيٌّ سِواهُ طَلائِحَ الأَحلاسِ

وَجَرى فَأَحرَزَ كُلَّ رَهنٍ فاخِرٍ

وَرَمى فَأَحرَزَ غُرَّةَ القِرطاسِ

لَو نالَ قَرنَ الشَمسِ حَلّوا بَيتَهُ

شَرَفاً عَطاءَ شَوامِخٍ وَرَواسِ

وَالعَبدَلِيّونَ المِراضُ مِنَ الحَيا

مِثلَ اللُيوثِ تَميدُ في الأَخياسِ

أَحلامُ عادٍ في النَدى إِذا اِحتَبَوا

وَالجِنُّ يَصطَرِمونَ نَومَ حِماسِ

في الحَربِ لُبسُهُمُ الحَديدُ مُضاعَفاً

وَالسِلمُ لُبسُهُمُ جَميلُ لِباسِ

الأَحسَنونَ مِنَ النُجومِ وُجوهُهُم

بَهَروا بِأَكرَمِ عُنصُرٍ وَنُحاسِ

وَلَقَد خَدَمتُكَ بِالرُصافَةِ بُرهَةً

وَخَدَمتُ شَيخَكَ في قُرى بِطياسِ

لي حُرمَةٌ مُذ أَربَعونَ أَعَدُّها

حِجَجاً وَلَستُ عَنِ القَديمِ بِناسِ

وَلَقَد رَجَعتُ إِلَيكَ بَعدَ مِلاوَةٍ

فَقَبَلتُ رَجعَةَ وامِقٍ مُستاسِ

فَاخفِض جَناحَكَ لي وَصُنّي إِنَّني

كَالسامِرِيِّ مَحَرَّمٌ بِمِساسِ

أَو لَاتُّرِكتُ لَقاً لِكُلِّ خَساسَةٍ

كَقَبيصَةَ الطائِيِّ أَو كَإِياسِ

يَهنيكَ جَلوَتُها فَخُذها عاتِقاً

فَوقَ المِنَصَّةِ شَمسَةَ الأَعراسِ

قَد قُلتُ لَمّا أَن نَظَمتُ حُلِيَّها

وَالشِعرُ يَبعَثُ فِطنَةَ الأَكياسِ

لَو لِلفُحولِ تَعِنُّ لَافتَخَروا بِها

وَلِجَروَلٍ لَحَبا بَني شَمّاسِ


نوع المنشور:

شارك على :

المنشور السابق

ما أنس من شيء فلست بناس

المنشور التالي

ضعة للزمان عندي وعكس

اقرأ أيضاً