شكرا لدهري بالضمير وبالفم

التفعيلة : البحر الكامل

شكراً لدهري بالضمير وبالفم

لما أعاضَ بمُنعمٍ عن مُنعمِ

لا سلوةً بل صبوةً بمجانسٍ

بَرَدَ الوصالُ بها فؤادَ المُغْرمِ

خيرُ الوداد ودادُ أفْوهَ ناطقٍ

لعبت به الجُلَّ ولم يتصرَّمِ

حيِّ المنيعَ الجارِ يُقرنُ بأسُه

في النائباتِ إلى جزيلِ الأنْعُمِ

غرس الصنيع فلا اللسان بصامتٍ

دون الثناءِ ولا الوفاءُ بمنجمِ

لي نفس مشغوفٍ بسالف عهده

لم ترض نسيانَ الرفيق الأقدم

مضروبة بشبا الخطوب تنوشُها

بالجور عاديةُ الغَدور الأزْلمِ

حسناء آنسةٌ إذا هي أكْرِمَتْ

ونوارُ باديةٍ إذا لم تُكرمِ

يلوي مواعدها الزمان وتقتضي

إنجازهُ فإلى متى وإلى كم

سعد الجهول ولاح علمي ذائدي

عما أروم فليتني لم أعْلَمِ

وغدوت ذا حزنٍ بفضلٍ مطربٍ

غيري فكنتُ كمنعمٍ لم ينعمِ

واستهون القومُ المقالَ سفاهةً

فالفضلُ للسكيت لا المُتكلمِ

وندمت للعمرِ المُقضَّ عندهُ

فَلكادَ يقضي بالحِمامِ تَندُّمي

هَمٌّ ثوى بين الضلوعِ مُبرِّحٌ

لولا الوزيرُ وفضلهُ لم يُنْجمِ

بمصمِّمٍ للخير غير مُنكِّبٍ

ومُنكِّبٍ في الشرِّ غير مُصمِّمِ

شرفٌ لدين الله ليس بمُعورٍ

في الحادثان ولا بنكْسِ مُحْجمِ

فتبلَّج المجدُ الأثيلُ طلاقةً

عن ثغْر مُبْتهجٍ به متبسِّمِ

بمجردِ الأيامِ في حالاته

علاَّمةٍ بالدهْرِ غيرِ مُعَلَّمِ

مستهترٍ بالمأثرات شعارهُ

وضعُ الرحالِ بها وحمْلُ المغرم

عُلْويُّ برقٍ لاح في أفق العُلى

فأضاء من حظِّ الفقيرِ المُظْلمِ

طابتْ مخايلُه لشايمِ لمْعِه

عِلْماً ببادرةِ السَّحوحِ المُثجمِ

خِرْقٌ تبرعُه رفيقُ نوالهِ

ومتى تُسلْ جدواهُ لم يتَلوَّمِ

تتجنب الغبراء عَقْوةَ أرضهِ

رهَباً لمنهل النَّوالِ المُرْزمِ

ثبتٌ توقِّره الخطوب بحيث لا

صبرُ الحليم لها ولا المُتَحلم

يزدادُ من أجْلابهنَّ رزانةً

كالريح تُظهرُ من أناةِ الأيْهم

غمْرُ الخلائق تُتَّقى سطواتهُ

مُتواضعٌ لم يُلْفَ غير مُعظَّمِ

تتلو سجاجتهُ عوادي بأسِه

إنّ الغِرار وراء صفْحِ المِخْذمِ

وافٍ إذا نقضَ الزمانُ عُهودهُ

لقيَ المُعاهد في الجديل المُبْرمِ

لو واثَقَ الرمضاء في حبِّ الصدى

لغدا يَعُدُّ الضبَّ حوتَ الخضْرم

غيرانُ يحمي ما يشاء ببأسهِ

لا جارهُ بِلَقىً ولا مُستسلمِ

لو لاذت الغبراء منه بعصمةٍ

لحمى ثراها أنْ يُداسَ بمنْسمِ

ومُشردٍ ينزو به فرقُ الرَّدى

نَزْوَ المُدامةِ بالنزيف المُفعم

جمِّ الظنون يكاد يدرأ خوفهُ

محض اليقين إذا بدا بتوهُّم

رسبت به السُّدَف الضخام كأنه

صلْدٌ توغَّل لُجَّ يَمٍّ مِدْأمِ

يأوي لتعريسٍ فيبعثُ رجلهُ

مَرُّ النَّسيم على المكانِ المُرْتمِ

نِسْعُ المطيَّة والرسيم لحذرهِ

بحجارةِ المِعْزاءِ كالمُتبغِّمِ

يهفو به ضخمٌ تخاذل عندهُ

نصرُ المُطاع فباسهُ لم يعْصمِ

آويته فحميته من ذُعْرِه

دُون الرجال وكان عينَ المُسلَمِ

وطريد مجدبةٍ غدتْ بثرائهِ

شهباءُ مُرْديةٍ كحدِّ اللَّهْذَمِ

سفعتُه من غبرائها عرَّاقَةٌ

تَذَرُ الخميلةَ تُرْبةَ المُتيممِ

ما زال إخلاف النجوم ينوشهُ

حتى أثابَ به فُوَيْق المُصْرمِ

حتى إذا ما الذودُ صرَّم نحضَه

لَسُّ الرغام بكل فجٍّ أقْتَمِ

وأقام بالصرم العزيب فلم يُطِقْ

دركَ المعاطِن باللقاحِ المُعظمِ

واشتدَّ محْلٌ فاغتدت أشلاؤُهُ

للمُترف العيَّافِ أكْرم مطعمِ

أمَّ الطريدُ نوال مُولي نِعْمَةٍ

فأناخَ عنكَ بالمُجيرِ المُطعم

إنَّ ابن خالدٍ الكريم أرومةً

غيثُ الفقير ومنْعةُ المُستعصمِ

غمرُ المواهب مستريحٌ رِفدُه

فذُّ السؤال أخو نوالٍ تَوأمِ

تدني له الأقصى مطيُّ عزائِمٍ

يسخرن من ولد الجديل وشدقمِ

وخَّادةٌ لا تشتكي لغَب السُّرى

صُبرُ الخفاف على الفلا والمَخْرم

ويذودُ عنه مُسدَّدٌ في قصده

يهدي الصوار له بغير تلوُّمِ

جمُّ الغوارب ماؤه من نقْعةِ

فضلتْ سوابحُه مرورَ العُوَّمِ

جزلٌ كموج البحر تمخض لُجه

رأدَ الضُّحى هوجاءُ لم تتنسَّمِ

ضاقت به الدهناءُ واتَّسعت به

في الرزق تاليةُ النسور الحُوَّمِ

عمَّت إغارتهُ فشمس نهاره

مسلوبةُ التشريق عند الملْحمِ

ودجا فكادت أن تضِلَّ رماحُه

في الطَّعْنِ لولا ربطُها بالأنجمِ

واستمطرت مُعْطُ الفُلاة جيادهُ

فولَغْنَ منه في المسيح وفي الدَّمِ

من كل مُحتدم الحفيظة لودنا

للحشر حاذَرهُ حريقُ جهنَّمِ

نغَضتْ شمائله الحقودُ فهمَّ أن

يزري بإيجافِ الجوادِ الشَّيظم

وسما به الأمل المجيدُ فخلتَهُ

يجري الجواد على قذالِ المِرْزمِ

وكأنَّ مُنكدر النجوم بغيْهبٍ

شدُّ الكمي إلى الكمي المُعلمِ

للهِ دَرُّ مناقبٍ شَرَفيَّةٍ

أدنتك من شرف الإمام الأعظمِ

كتم التواضعُ فضلها فأذاعهُ

فقر الزمان إلى الشديد الأحْزم

نشق الخليقةُ طيبها واسْتافَهُ

فرأى عُقوق المجد إن لم يَرْثمِ

فاستلَّ منك مهنَّداً لا حَدُّهُ

نابٍ ولا في الضَّرب بالمستثلمِ

وأحلَّ منك دنيَّةُ ذا منْطقٍ

فصلٍ إذا ما قال غير مجمجمِ

يتأملُ المُصغي إلى ألفاظِهِ

قسَّ الفصاحة في النِّجار الأكرمِ

يتكلمُ الإيجازَ في لحظاته

فدوام نظرته حروفُ المُعجم

إن كان أخَّرني الزمانُ بجوره

فأظنُّ هذا الحين حينَ تقدمي

فاسْقِ الذي غرستْ يداك فإنني

لك أعْتزي وإلى فخاركَ أنْتمي


نوع المنشور:

شارك على :

المنشور السابق

يغب الغيث أكناف البلاد

المنشور التالي

نكبا صمتي وخافا صخبي

اقرأ أيضاً

ذكرت ثرى نواظر والخزامى

ذَكَرتَ ثَرى نَواظِرَ وَالخُزامى فَكادَ القَلبُ يَنصَدِعُ اِنصِداعا أُلامُ عَلى الصَبابَةِ وَالمَهارى تَحِنُّ إِذا تَذَكَّرَتِ النِزاعا رَأَينَ تَغَيُّري…