خودٌ من الترك قد صالت على العرب
بسمهريٍّ فياللَه من عجب
وإن عجب من هذا تصول بهم
بمشرفي لحاظٍ وهي في حجبِ
جاءت بفراجة خضراء مشرقة
كان اسمها خير خال صادق اللقب
تضمها فوق مياسٍ فتنت بهِ
بابيض بدم العشاق منخضبِ
نقابها لم يفدها منع بارقةٍ من
باسمٍ عن صحاح الدر والحببِ
ولم يصد لثامٌ السحر مقلتها
ولا الغلائل فعل الأملد الرطب
إن ظللت بقناعٍ صبح طلعتها
فكوكب الغرة الزهراء لم يغبِ
يقبل الفرع أذيالاً معانقةً
نطاق خصر على المريخ ذا طربِ
أقامت البدر مخسوفاً قلنسوةٌ
حمراء فتاكةً بالبيض واليلبِ
تهدي إليك رياح الورد وجتها
والخد بالورد مثل الشعر بالشنبِ
وظبيةٍ من ظباء الروم بارزة
من الحجاب بحسنٍ غير محتجبِ
لم يتصل بلثامٍ قط مبسمها
ولم ترم صلة الأطواق باللببِ
ولا جنى برقعٌ ورد الخدود ولم
تعطِ الميازر عطفيها ولم تهبِ
طالت ذوائبها في الخصر لاعبةً
فأوقفتها لدى فرقٍ عن اللعبِ
يتلو النصيف الذي في متن قامتها
تبّت غصون الربى حمالة الحطبِ
يا شوق طرفي لثدي تحت بردتها
كأنه كوكبٌ تحت الغمام خبي
من لي وفتان جفنيها المراض أبو
جملٍ وفي خدها القاني أبو لهبِ
قالت محاسنها الغراء واضحةً
لم يخلق اللَه هذا الحسن للنقبِ
أفدي الحسان بنفسٍ لن ترى بدلاً
عن العفاف ولم ترغب عن الأدبِ
نفسٌ على الصبر تسقيه الهوى عوضاً
عما سقاها من البلبال والوصبِ
كأنما الدهر يهوى ما هويت فلم
يفتر عن الصد بين الجد والأربِ
قد ساءَه الفضل منا فانبرى حنقاً
ولم يكن بيننا إلّاهُ من سبب
لكن غفرت له لما رأيت بهِ
ذا الفضل أسعد صدر السادة النجب
قاضي القضاة أمامٌ ليس تأخذهُ
في اللَه لومة ذي لومٍ وذي عتب
أبو حنيفة هذا العصر شافعهُ
ومالك الأفضلين المجد والنسب
ما قال منظومةً إلا وقيل لها
يا أخت خير أخٍ يا بنت خير أبٍ
أو هز أقلامه قالت كتائبها
ما السيف أصدق أنباءً من الكتبِ
أحيت فضائله الآداب فازدحمت
في ظله كازدحام المنهل العذبِ
يفاخر العلم فيه كل مزدخر
فخر اليراع على الهندية القضبِ
قد استرق المعالي فهي جاريةٌ
ما بين ألفاظهِ كالسبعة الشهب
لو رام ينظم نجم الأفق قافيةً
لانقاد تحت قوافي النظم غير أبي
فيا لهُ فاضلاً صدراً به جمعت
صدارة الروم بين الفضل والرتب
شهماً على الحق مرّ الجد ذا شيمٍ
جاءت مواردها أحلى من الضربِ
أقواله أصبحت فعالةً فاتت
متونهنَّ جلاء الشك والريب
سمعت منظومه يوماً فاسكرني
سكراً حلالاً فدع رشف ابنة العنب
علّامةٌ لا يُبارى في بلاغته
سبّاق كل مبارٍ جد في الطلب
جادت أنامله جود اليراع بها
فأرسلت ساريات الدر والذهب
سقى المعالي ثناءً فهي عارفةٌ
عرف الرياض سقاها غادق السحب
فالبس المجد حمداً لم يكن خلقاً
واكسب الحمد مجداً غير مقتضبِ
وافت لبابك يا مولاي قاصرةً
فتاة نظم عريق الأصل والحسب
تهدي صفاتك نظماً رق تحسده
مباسم الغانيات الخرد والعرب
لكنها ترتجي عفواً ومكرمةً
منك القبول وهذا خير مكتسب
لا زلت مولى إلى علياك وأخدةٌ
نجب القريض فدم واسلم مدى الحقبِ