نثر الجو على الأرض برد

التفعيلة : بحر الرمل

نَثَرَ الجوُّ على الأرْضِ بَرَدْ

أيّ دُرٍّ لنحورٍ لو جَمَدْ

لؤلؤٌ أصْدافُهُ السُّحْبُ التي

أنْجَزَ البارقُ منها ما وَعَد

منحتْهُ عارياً من نَكَدٍ

واكتساب الدُّرّ بالغَوصِ نَكد

ولقد كادَتْ تعاطَى لَقْطَهُ

رغبةً فيه كريماتُ الخُرُد

وتحلّي منهُ أجياداً إذا

عَطِلَتْ راقَتكَ في حَلي الغَيَد

ذَوّبَتْهُ من سماءٍ أدْمُعٌ

فَوْقَ أرْضٍ تتلقاهُ بِخَد

فَجَرَتْ منهُ سيولٌ حولَنا

كثعابين عجالٍ تَطّرِد

وترى كلّ غديرٍ مُتئقٍ

سَبَحَتْ فيه قواريرُ الزّبَد

من يعاليلَ كبيضٍ وُضِعَتْ

في اشتباكِ الماءِ من فوقِ زَرَد

أرّقَ الأجفانَ رعدٌ صوتُهُ

كهديرِ القَرْمِ في الشّوْلِ حَفَد

باتَ يَجتابُ بِأَبكارِ الحيا

بلداً يُرْويهِ مِنْ بَعْدِ بَلَد

فَهوَ كَالحادي رَوايا إن وَنَتْ

في السُّرَى صاحَ عَليها وجَلَد

وكأنّ البرقَ فيها حاذفٌ

بضرامٍ كلّما شَبّ خَمَد

تارةً يخفو ويَخفى تارَةً

كحسامٍ كلّما سُلّ غُمِد

يَذْعَرُ الأبْصارَ محمرّاً كما

قَلَبَ الحملاقَ في اللّيلِ الأسَد

وعليلِ النّبْتِ ظمآنِ الثرى

عرّج الرّائدُ عنه فزهد

خَلَعَ الخصبُ عليه حُلَلاً

لبديع الرقمِ فيهنّ جُدُد

وسَقاهُ الريَّ من وكّافَةٍ

فَتَحَ البرقُ بها اللّيلَ وسَد

ذاتِ قطرٍ داخلٍ جَوْفَ الثرى

كَحياةِ الروحِ في مَوتِ الجَسَد

فتثنَّى الغصنُ سكراً بالنّدى

وتغنّى ساجعُ الطيرِ غَرد

وكأنّ الصبحَ كَفٌّ حَلّلَتْ

من ظلامِ اللّيلِ بالنورِ عُقَد

وكأنّ الشمسَ تجري ذهباً

طَائراً في صَيدِهِ من كلِّ يَد


نوع المنشور:

شارك على :

المنشور السابق

حسن غذاءك واعتمد

المنشور التالي

خطب يهز شواهق الأطواد

اقرأ أيضاً

أبصرت في بغداد روميه

أَبصَرتُ في بَغدادَ رومِيَّه تَقصُرُ عَنها كُلُّ أُمنِيَّه قَصرِيَّةُ الطَرفِ شَآمِيَّةُ ال خَلوَةِ في نَكهَةِ زَنجِيَّه صُدغِيَّةُ الساقَينِ…