السراب الخؤون والصحراء
والحيارى المشردون الظماء
وليالٍ في إثرهن ليالٍ
سنة أقفرَت وأخرى خلاء
قلّ زادي بها وشح الماء
وتولى الرفاق والخلصاء
كيف للنازح الحبيب ارتحالي
وجناحاي السقم والبرحاء
وجراحي المستنزفات الدوامي
وخطاي المقيدات البطاء
ادركي زورقي فقد عبث الي
م به والعواصف الهوجاء
والعباب العريض والأفق المو
حش واللانهاية الخرساء
أفق لا يحد للعين قد ضا
ق فأمسى والسجن هذا الفضاء
سهرت ترقب الصباح وعين الن
جم كلّت وما بها إغفاء
عجبي من ترقبي ما الذي أر
جو ولما يعد لقلبي رجاء
وأنا مرهف المسامع فيه
لي إلى كل طارق إصغاء
التقينا كما التقى بعد تطواف على القفر في السرى انضاء
قطعوا شَوطهم على الدم والشوك وراحوا على اللهيب وجاءوا
في ذراعيَّ أو ذراعيك أمن وسلام ورحمة ونجاء
وعلى صدرك المعذب أو صدريَ حصن وعصمة واحتماء
كم أناديك في التنائي فترتد بلا مغنم لي الأصداء
وأناديك في دمائي فتنساب على حسرة لدي الدماء
وأناديك في التداني وما أطمع إلا أن يستجاب النداء
باسمك العذب أنه أجمل الأسماء مهما تعددت أسماء
لفظة لا تبين تنطلق الأقدار عن قوسها ويرمي الفضاء
وهي بين الشفاه ناي وتغريد وطير وروضة غناء
وهي في الطرس قصة تذكر الأحباب فيها وتحشد الأنباء
صدفة ثم وقفة فاتفاق فاشتياق فموعد فلقاء
فقليل من السعادة لا يكمل فيه ولا يطول الهناء
فحنين فلوعة فاحتراق فجحيم وقوده الشهداء
ما بقائي وأجمل العمر ولّى
وانتظاري حتى يحين الشتاء
يطلع الفجر مرهقاً شاحب النور
عليه الكلال والإعياء
وبنفسي دب المساء وحل ال
ليل من قبل أن يحين المساء
زرتني كالربيع في موكب الزهر له روعة وفيه رواء
ولك الوجه أومض الحسن فيه
والتقى السحر عنده والذكاء
وشحوب كظل خمر وللندمان تجلو شحوبها الصهباء
ولك الجيد أتلعا أودع الصانع فيه من قدرة ما يشاء
قدَّ من مرمر وشعشعه الفجر بورد وصب فيه الضياء
وأنا الطائر الذي تصطبي نفسي السماوات والذرى الشماء
راشني صائد رماني فأدماني وولّى الجاني وعاش الداء
مرحباً بالهوى الكبير فإن يبق وإن تسلمي يطب لي البقاء
فهو القمة التي تهزم الموت ولا يرتقي إليها الفناء
مرّ يومي كأمسه مسرحاً تعرض فيه الحياة والأحياء
آدم كالقديم قلباً وتفكيراً ولكن تبدل الأزياء
لم يحل طبعه ولا ذات يوم
لبست غير نفسها حواء
والنضار المعبود قدس وقربان ورب والشهرة الجوفاء
والحطام الفاني عليه اقتتال
والأماني بريقها إغراء
وسفين تمر إثر سفين
والرياح للذات والأهواء
والغيوب المحجبات رحاب
تعبت في رموزها الحكماء
عندها المرفأ المؤمل والشطّ المرجّى والصخرة الصماء
مرّ يومي كأمسه وأتى لَيلٌ بهيج تزف فيه السماء
قد جلت فيه عرسها كل نجم
قدح يستحم فيه الضياء
لم تزل تسكب السلاف وللأقداح فيها تجدد وامتلاء
لم تزل حتى هوّم الحان نعسان وأغفى البساط والندماء
غير نجم في جانب الليل يقظان له روعة بها وجلاء
ذاك نجم الحبيب مني له الشّوق ومنه الوميض والإيماء
كم أغنيه بالحنين كما غنت على فرع غصنها الورقاء
وذراعي في انتظارٍ وصدري
فيه بالضيف فرحة واحتفاء
موقداً للغريب نار ضلوعي
فعسى للغريب فيها اهتداء
لم خليتني وباعدت مسرا
ك ومالي إلى ذراك ارتقاء
بالذي فيك من سنا لا تدعني
فيم هذا المطال والإبطاء
ما تراني وقد ذهبت بحظي
أخطأني من بعدك النعماء
وانتهى بعدك الجميل فلا فض
لٌ لمسد ولا يدٌ بيضاء
ومشى الحسن في ركابك والإح
سان طراً والغرة السمحاء
حسنات كانت يد الدهر عندي
فانطوت بانطوائك الآلاء