فيم الغدو غداً وأين رواحي

التفعيلة : البحر الكامل

فيم الغدوُّ غداً وأين رواحي

ويحَ الصباحِ لقد مضَى بصباحي

عصفت علينا غيرَ منذرةٍ لنا

يا فرقةَ الآلافِ أيُّ رياحِ

طلعت علينا بالسقامِ وبالنوى

وهوت هويّ الغادرِ المجتاحِ

عبثت بمعبودِ العيون وصيَّرَت

كالورسِ لوناً توأمَ التفَّاحِ

ذهبوا به كالوردِ جافاه الندى

ومضوا به شبحاً من الأشباحِ

يا هاتفاً باسمي فُدِيتَ منادياً

ردَّ النداءَ عليه حَرُّ نُواحي

يا آسيَ الأسِيِّ لممتَ جراحتي

وأسلتَ عند نواكَ أيَّ جراحِ

طأطأتُ للبين المشتِّتِ هامتي

وخفضتُ للقدَرِ المغيرِ جناحي

ذَهَبَ الوفيُّ فلا ابتسامٌ مشرقٌ

لي حيثُ كنت ولا نهارٌ ضاحي

عاد الشقيُّ إلى قديم شقائه

ومحَا من الدنيا السعادةَ ماحي

ويحَ المآبِ إلى مكانٍ موحش

متجهمِ العرصات مقفرِ ساحِ

في كل ناحيةٍ خيالٌ هاتفٌ

ومُذكِّرٌ بجبينِكَ الوضاحِ

وموسَّدٌ كالطيفِ صاحٍ ليله

أمسيتُ أرعاه بجفنٍ صاحِ

أمضي أمازحُه لأنسيه الضنى

وأقولُ في تهليلةِ الأفراحِ

لا تجزعنَّ لعلةٍ رهنَ الدجى

ستزول عند تبلُّج الإصباحِ

أخفي المخاوفَ عنه وَهيَ جليلةٌ

مرسومةٌ في ناظري الفضَّاحِ

مكتشفٌ بتجلدي متكشفٌ

بتستري متكشفٌ بمزاحي

عاصيتُ فيه الداء وهو مغالِب

عاصٍ على الهادينَ والنُصَّاحِ

أيُّ الليالي العاتياتِ سهرتُهَا

في أيِّ آلامٍ وأيِّ كفاحِ

هَدَمَ الضنى العادي قَوِيَّ شكيمتي

وثنى معاندتي وردَّ جماحي

والصبرُ هاوٍ والغيوبُ خفيةٌ

وشفاؤه في قبضةِ المنَّاح

وطغى على المَلَكِ الموسَّدِ بيننا

في ضعفِ زنبقَة ولطفِ أقاحِ

يا من مضيتَ خلال أناتِ الصبا

وذهبتَ بين تناوحِ الأدواحِ

يمضي بك البرقُ المقلُّ فيختفي

عجلانَ بينَ رُبىَ وبينَ بطاحِ

ويحَ الحياةِ اليومَ أين جمالُهَا

وعلامَ إخفاقي بها ونجاحي

أنتَ الذي وَهَبَ الحياةَ لميتٍ

في الأرضِ منفردٍ بغيرِ طِمَاحِ

أشرقتَ في ظلمائها وغمامها

وطلعتَ مثل البارقِ اللمَّاحِ

فارجع إليَّ فقد تركتَ مشرداً

مستغرقاً في الدمعِ والأتراحِ


نوع المنشور:

شارك على :

المنشور السابق

عادت لطائرها الذي غناها

المنشور التالي

بي ما تحس وفي فؤادك ما بي

اقرأ أيضاً