أَجَدَّ اليَومَ جيرَتُكَ اِرتِحالا
وَلا تَهوى بِذي العُشُرِ الزِيالا
قِفا عُوِجا عَلى دِمَنٍ بِرَهبى
فَحَيّوا رَسمَهُنَّ وَإِن أَحالا
وَشَبَّهتُ الحُدوجَ غَداةَ قَوٍّ
سَفينَ الهِندِ رَوَّحَ مِن أَوالا
جَعَلنَ القَصدَ عَن شَطِبٍ يَمينَن
وَعَن أَجمادِ ذي بَقَرِن شِمالا
جَمَعنَ لَنا مَواعِدَ مُعجِباتٍ
وَبُخلاً دونَ سُؤلِكَ وَاِعتِلالا
أَوانِسُ لَم يَعِشنَ بِعَيشِ سَوءٍ
يُجَدِّدنَ المَواعِدَ وَالمِطالا
فَقَد أَفنَينَ عُمرَكَ كُلَّ يَومٍ
بِوَعدٍ ما جَزَينَ بِهِ قِبالا
وَلَو يَهوَينَ ذاكَ سَقَينَ عَذباً
عَلى العِلّاتِ آوِنَةً زُلالا
وَلَكِنَّ الحُماةَ حَمَوكَ عَنهُ
فَما تُسقى عَلى ظَمَإٍ بِلالا
أَلا تَجزينَ وُدّي في لَيالٍ
وَأَيّامٍ وَصَلتُ بِهِ طِوالا
أُحِبُّ الظاعِنينَ غَداةَ قَوٍّ
وَلا أَهوى المُقيمَ بِهِ الحِلالا
لَقَد ذَرَفَت دُموعُكَ يَومَ رَدّوا
لِبَينِ الحَيِّ فَاِحتَمَلوا الجِمالا
وَفي الأَظعانِ مِثلُ مَها رُماحٍ
نَصَبنَ لَهُ المَصايِدَ وَالحِبالا
فَما أَشوَينَ حينَ رَمَينَ قَلبي
سِهاماً لَم يَرِشنَ لَها نِبالا
وَلَكِن بِالعُيونِ وَكُلِّ خَدٍّ
تَخالُ بِهِ لِبَهجَتِهِ صِقالا
لَعَمرُكَ ما يَزيدُكَ قُربُ هِندٍ
إِذا ما زُرتَها إِلّا خَبالا
وَقَد قالَ الوُشاةُ فَأَفزَعونا
بِبَعضِ القَولِ نَكرَهُ أَن يُقالا
رَأَيتُكَ يا أُخَيطِلُ إِذ جَرَينا
وَجُرِّبَتِ الفَراسَةُ كُنتَ فالا
وَقَد نُخِسَ الفَرَزدَقُ بَعدَ جَهدٍ
فَأَلقى القَوسَ إِذ سَإِمَ النِضالا
وَنَحنُ الأَفضَلونَ فَأَيَّ يَومٍ
تَقولُ التَغلِبِيُّ رَجا الفِضالا
أَلَم تَرَ أَنَّ عِزَّ بَني تَميمٍ
بَناهُ اللَهُ يَومَ بَنى الجِبالا
بَنى لَهُمُ رَواسِيَ شامِخاتٍ
وَعالى اللَهُ ذُروَتَهُ فَطالا
بَنى لي كُلُّ أَزهَرَ خِندِفِيٌّ
يُباري في سُرادِقِهِ الشَمالا
تَنَصَّفُهُ البَرِيَّةُ وَهوَ سامٍ
وَيُمسي العالَمونَ لَهُ عِيالا
تَواضَعَتِ القُرومُ لِخِندَفِيٍّ
إِذا شِئنا تَخَمَّطَ ثُمَّ صالا
وَيَسعى التَغلِبيُّ أَذا اِجتَبَينا
بِجِزيَتِهِ وَيَنتَظِرُ الهِلالا
لَقَيتُم بِالجَزيرَةِ خَيلَ قَيسٍ
فَقُلتُم مارَ سَرجِس لا قِتالا
فَلا خَيلٌ لَكُم صَبَرَت لِخَيلٍ
وَلا أَغنَت رِجالُكُمُ رِجالا
وَأَسلَمتُم شُعَيثَ بَني مُلَيلٍ
أَصابَ السَيفُ عاتِقَهُ فَمالا
شَرِبتَ الخَمرَ بَعدَ أَبي غُوَيثٍ
فَلا نَعِمَت لَكَ النَشَواتُ بالا
تَسوفُ التَغلِبيَّةُ وَهيَ سَكرى
قَفا الخِنزيرِ تَحسِبُهُ غَزالا
تَظَلَّ الخَمرُ تَخلِجُ أَخدَعَيها
وَتَشكو في قَوائِمِها اِمذِلالا
أَتَحسِبُ فَلسَ أُمِّكَ كانَ مَجداً
وَجَذَّكُمُ عَنِ النَقدِ الجُفالا
تَناوَل ما وَجَدتَ أَباكَ يَبني
فَأَمّا الخِندِفيَّ فَلَن تَنالا
أَلَيسَ أَبو الأُخَيطِلِ تَغلِبِيّاً
فَبِئسَ التَغلِبِيَّ أَباً وَخالا
إِذا ماكانَ خالُكَ تَغلِبيّاً
فَبادِل إِن وَجَدتَ لَهُ بِدالا
وَيَربوعٌ تَحُلُّ ذُرى الرَوابي
وَتَبني فَوقَها عَمَداً طِوالا
وَقَد عَلِقَ الأُخَيطَلُ حَبلَ سَوءٍ
فَأَبرَحَ يَومُهُنَّ بِهِ وَطالا
أَلَم تَرَ يا أُخَيطِلُ حَربَ قَيسٍ
تَمُرُّ إِذا اِبتَغَيتَ لَها العِلالا
أَذا لَم تَصحُ نَشوَتُكُم فَذوقوا
سُيوفَ الهِندِ وَالأَسَلَ النِهالا