أهديت هذه القصيدة للشاعر الراحل
بلند الحيدري في أمسيته الشعرية في
الشارقة 1995
***
أيُها القادمُ من منفاك َ
من ربذتكَ الأخرى
ومن بردِ المنافي
لم تزل بغدادُ تنأى
لا تُطلْ طرفيكَ نحو الضفة َ الأخرى
تساوى الوطن الممتدُ بالضيق ِ
تساوى كالقوافي
ها أنا أفتحُ صدري وأناديك َ
لكي لا تدخلَ الصدرَ
بل اقرأ سورة َ الحزن ِ المصفى
وانتقِ الحزن َ الذي يرضيكَ واكتبْْ ما تشاءْ
يا ( بلندُ ) الشعرُ ما كانْ غريبا ً
لا ولا الأكرادُ كانوا غرباء ْ
فلماذا تلفظ ُ الأرض ُ بنيها
ولماذا نحتمي بالسر إذ ْ نقرأ ُ شعرا ً للوطنْ
ونمني النفس َ أحيانا ً
وأحيانا ً تمنينا خطوط ُ الطول ِ والعرض ِ
تدور الأرض ُ بالأرض ِ
وما يوما ً خلعنا معطف َ الرحلة ِ , تُبنا من لقاءْ
ولماذا نستحي
يا أيها الشاعر ُ والشعرَ لماذا نستحي
و القلاداتُ التي علقتها في صدر ِمن تهوى نستها
وحروفَ الشعر لما صغتها فيها برودا ً خلعتها
وصباكَ الحلوُ ما ضيعته أنتَ
جزافا ً أنكروا ماضيك , قالوا
ربما سهوا ً تناسته السجلاتُ
تناسته بيوت الطين ِ
والنخلُ تناسى صوته عند الشتاء ْ
هل لنا أن نسألَ الورد ة َ
كيف انتخبت ْ عطرَ سواها
ولنا أن نعتبَ الآن على النهر ِ
لماذا غادر الطير ُ وما سطّر َ في ضفتهِ
مرثية َ النهر ِ على موت الغناءْ
ولنا بعضٌ من الوقتِ لكي نتّهم الغابة َ
والأشجارَ والوديانَ والسهلَ على هذا الغباء ْ
إنهم حولكَ والمنفى أفاقَ الآن
قبل السنة ِ السبعين لا يعرفنا المنفى
ولا نعرفه إلا لماماً في القواميس ِ
ببابِ النون ِ, فصلُ الفاءِ , فصلُ الياءْ
إنهم حولكَ
تأتيكَ المراثي
تحسبُ الآن سنين العمرِ
أسماءَ الدكاكين العناوين
وأسماء الرفاقْ
كلهم جاؤوكَ بالمنفى
وما جاءَ العراقْ
أيها الطاعنُ في غربتهِ تُبْ عن هوى
من لم يقاسمك سنين القحطِ والجدْب ِ
سنين الاحتراقْ
يا أخا الشعر الذي فيه تلاقينا
غريبا ً بغريب ْ
لا أراح اللهُ من صيَّر في الأرض ِ غريبْ
تتلقاه المنافي والمطارات ُ
وعينُ الأَمَة ِالثكلى تناديه ِ
ولكن لا أحدْ
للنداءاتِ يجيبْ
أيها الطاعنُ عـُدْ إن شئتَ
ليتَ العودَ أحمد ْ
لنرى عينيك تفترُ مرايا وحكايا للحبيبْ
خولة ٌ ليس كما قيل بثهمدْ
خولة ٌفي شارع الليلِ بعمّان
تبيعُ اليانصيبْ
اقرأ أيضاً
أفدي الذي إذ سألت عنه
أَفدي الَّذي إِذ سَأَلت عَنهُ رَنا وَسهم اللحاظ راشا وَثَغره باِسمهِ يحاجي ما مثل قَولي شَفا عطاشا
لا زال كعب يستهل دموعه
لا زالَ كَعبٌ يَستَهِلُّ دُموعَهُ لِلهالِكينَ مُجَدَّعاً لا يَسمَعُ فَلَقَد رَأَيتُ بِبَطنِ بَدرٍ مِنهُمُ قَتلى تَسِحُّ لَها العُيونُ…
لِمَن هاته الفتنة النادرة
لِمَن هاته الفتنة النادرة وما هاته الأعينُ الساحره وما ذلك المرَحُ القدسيّ وما هاته الضحكة الطاهره تطوف مطاف…
ويلك يا قد البرستوجه
ويلكِ يا قدَّ البَرَسْتُوجَهْ ما أنت والله بمغْنُوجَهْ يا كعبةً لِلنَّيْك منصوبةً لكنها ليست بمحجوجَهْ نِكنا فنكنا منك…
يا معرضا نفسي الفداء
يا مُعرِضاً نَفسي الفِدا ءُ وَقَلَّ ذَلِكَ مُعرِضا أَكَذا سَريعاً صارَ حَب لُكَ سَيِّدي مُتَنَقَّضا أَبغَضتَني يا سَيِّدي…
ألم يك للبرشاء هاد يقيمها
أَلَم يَكُ لِلبَرشاءِ هادٍ يُقيمُها عَلى الحَقِّ إِذ كانَت بِها الأَزدُ ضَلَّتِ أَتابِعَةُ الأَوثانِ بَكرُ بنُ وائِلٍ وَقَد…
وما مثل هذا الشوق تحمل مضغة
وَما مِثلُ هَذا الشَوقِ تَحمِلُ مُضغَةٌ وَلَكِنَّ قَلبي في الهَوى مُتَقَلِّبُ
قد بيضت قبة السماء
قَد بيِّضتْ قُبَّةُ السَماءِ وَزُرِّقتُ قاعَةُ الفَضاءِ وَمَدَّ بُسطَ النَباتِ فيها لِنَفسِهِ قادِمُ الشِتاءِ فَاِشرَب عَلى نَراهُ فيها…