كم في أزاهير الرياض لناظر

كَمْ في أزاهير ِ الرياضِ لناظرٍ

من مقلةٍ وسنى وخدٍّ ناضرِ

ماسَتْ أماليدُ الغصونِ بوشيها

معطارةً وازَّينتْ بجواهر

لله ما صنعتْ وما جاءتْ به

“في “”الغوطتين”” يَدُ الربيع الباكر”

بَسَطَتْ وثيرَ قطيفةٍ فوق الثرى

خضراء فيها كلُّ لونٍ زاهر

من أحمر قانٍ وأصفر فاقِعٍ

أو أزرق زاهٍ وأبيض سافر

وكَسَتْ وَحلَّتْ سمحةً أشجارها

فَجَلَتْ عرائسها بوشيٍ فاخر

معقودةُ الإكليل زهراء الحلى

خفاقةُ الأقراط ذات أساور

أراختْ من الظلِّ الظليل غصونُها

طرراً وأذيالاً وفضلَ مآزر

“حيَّا جنانَ “”الغوطتين”” وجادها”

سمحُ القيادِ من السحابِ الماطر

حلمٌ من الإبداعِ فيها ماثلٌ

من دونه يعيا خيالُ الشاعر

تتناثرُ الأزهارُ في أجوائها

مبثوثةً مثل الفراشِ الثائر

فَنَنٌ يرنِّحه النسيمُ كأنه

نشوانُ من نَفَسٍ بَرودٍ عاطر

عَرِفَتْ جباهُ الزهرِ من قطر الندى

ملتفة الأعناقِ ذات تآطر

كالبكر يرشحُ للحياء جبينُها

عرقاً إذا ضُمَّتْ لصدرِ الهاصر

وإذا الرياحُ تأوهتْ سَقَطَ الندى

من كلِّ زاهرةٍ كدمعٍ هامر

وترى الحميم إذا الرياحُ تناوحتْ

متموجاً مثل الغديرِ المائر

وشقائقُ النعمانِ في قيعانِها

تقطيعُ أكبادٍ وشقُّ مرائر

والشمسُ من خلل الغصونَ على الثرى

كدراهمٍ ألقتْ بها يَدُ ناثر

وترى الجداولَ كالوَذيلَةِ رونقاً

من مستقيمٍ في المسيرِ وجائر

والأيكُ في شطآنها كنعائمٍ

مَدَّتْ بأعناقٍ لها ومناقر

مرآة أحلامي ومرتع صبوتي

وهو فؤادي بل ومتعة ناظري

في كلِّ مغنى من فؤادي شعبةٌ

وبكل وادٍ هائمٌ من خاطري

وتكادُ أخيلتي تطلُّ عليَّ في

أرجائها من طائفٍ أو زائر

كم جولةٍ لي ثمَّ جائرة الخطى

بَيْنَ الخمائلِ كالفراشِ الحائر

يقتادني في كل شطرٍ جاذبٌ

من منظرٍ نضرٍ وحسنٍ باهر

والزهرُ يلقاني بثغرٍ باسمٍ

وبوجنةٍ حمرا وجفْنٍ فاتر

وأرى الغصونَ كأذرعٍ ممدودةٍ

لتعانقٍ من بعد طولِ تهاجر

في كلِّ ربعٍ مونقٍ ليَ وقفةٌ

هي وقفةُ المسحورِ عند الساحر

أمّا العهودُ وإن تقادم عهدُها

فرتيمةُ الناسي وهمُّ الذاكر

“قمْ في مشارف “”قاسيون”” وعجْ بها”

تشرفْ عَلَى صنعِ البديعِ القادر

دوْحٌ كساميةِ القبابِ حيالها

من باسقاتِ الحورِ مثل منائر

“و “”دمشق”” ما بين الرياضِ سفينةٌ”

عامتْ على عالي الغواربِ زاخر

لا تستبينُ العينُ في أثباجِه

مهما تقصّتْ أولاً من آخر

تبدو الجبالُ الشمُّ من متعممٍ

شابتْ مفارقُه وأصلع حاسر

تتجاوبُ الأطيارُ في أفنانِها

من هاتفٍ أو ساجع أو صافر

يا ربَّ سوداء الملاءَةِ شمّرتْ

عن ساقِها ورنتْ بعينِ معاقر

مخضوبة الكفيْنِ تحكي قَيْنَةً

بَرَقَتْ بحمرِ مراشفٍ وأظافر

وثابةٌ ولها تلفّتُ خائفٍ

مترقبٍ لميامنٍ ومياسر

غَنّتْ بلحنٍ يستثيرُ لواعجاً

ويهيجُ من طربٍ دفينَ ضمائر

ريَّان من دمعٍ وبلهب لوعةً

كحنينِ مشتاقٍ وزفرةِ زافر

والطيرُ لو أبْصَرْتَ أسعد عيشة

يا ليت للإنسان عيشَ الطائر


نوع المنشور:

شارك على :

المنشور السابق

حيتك باسمة ثغور الزنبق

المنشور التالي

وسرحة باللوى وطفاء وارفة

اقرأ أيضاً