للمقابر هيبة الهواء وسطوة الهباء. تشيع
صديقك ممدوح, وتنتظر دورك …
تنقلك روائح الزهور الذابلة وحفيف الأشجار
إلى البعيد … إلى ما وراء الشيء … إلى عنوانك
الأخير في ناحية من نواحي العدم. لكنك
تفكر في ما هو أبسط: ألقبور مراتب.
فمنها ما يبدو لك أنه راحة النائم. ومنها
ما يحرم النائم من التطلع إلى سمائه
المدفونة. ومنها, كالمحاذية لساحة التروكاديرو
في باريس, ما يجعل النائم جزءاً من وتيرة
الحياة. فهو قريب من المقاهي والمتاحف
ومواعيد الأحياء. الحياة في متناول قبره
الرخامي. وحوله من تنوع الزهر والشجر
والطير والبشر ما يغنيه عن الخروج إلى
نزهة, بعدما أنفق مدخراته لامتلاك
خصوصية هذا العنوان الدائم. ومن القبور
ما يجعل العدم مادة مرئية,كتلك
القبور المرمية في الصحراء بعيداً عن
الشجر والماء. لا أنيس للنائم الذي
يحترق في حرّ الصيف ويتجمد من البرد
في الشتاء. كأنه يواصل الموت بلا
نهاية, حيث يخلو الموت من استعارة النوم.
لكن الذين يشرفون على تشييد قبورهم،
وتأثيثها بصورهم، لا يفكرون براحة النوم
قريباً من صداقة الأحياء، إنما يفكرون
بتدريب التاريخ على القراءة. ويفكرون
بما هو أصعب: برشوة الخلود. دون
أن يعلـموا أن الخلود لا يزور القبور.
وأنه يحب الفكاهة !
اقرأ أيضاً
يا يوم إسحاق بن عبد الملك
يا يومَ إسحاقَ بنَ عبدِ الملكْ لم تُبقِ لي صبراً ولم تتَّركْ يا يوم إسحاقَ الذي غالهُ أيَّ…
لكم حجاب ولنا أنفس
لكم حجابٌ ولنا أنفُسٌ تمنعُنا الذلَّ عزيزاتُ تاهَ وتهنا فسَمَونا بها وهْي عنِ الذلِّ مصوناتُ
أبصرت في الحقل قبيل المغيب
أَبصَرتُ في الحَقلِ قُبَيلَ المَغيب سُبُلَةً في سَفحِ ذاكَ الكَئيب حانِيَةً مُطرَقَةَ الرَأسِ كَأَنَّما تَسجُدُ لِلشَمسِ أَو أَنَّها…
رمت الفؤاد مليحة عذراء
رَمَتِ الفُؤَادَ مَليحَةٌ عَذراءُ بِسِهامِ لَحظٍ ما لَهُنَّ دَواءُ مَرَّت أَوانَ العيدِ بَينَ نَواهِدٍ مِثلِ الشُموسِ لِحاظُهُنَّ ظُباءُ…
عاد منها كل مطبوخ
عاد مِنْهَا كُلَّ مَطْبوخِ غَيْرَ دَاذِيٍّ وَمَفْضوخِ وَاعْتقد مِنْ وُدِّ أَهْلِ الحِمَى كُلَّ وُدٍّ غَيْرَ مَشْدُوخِ وَانْتَشِقْ رَيَّاكَ…
لاح بالدير من أمامة نار
لاحَ بِالدَيرِ مِن أُمامَةَ نارُ لِمُحِبٍّ لَهُ بِيَثرِبَ دارُ قَد تَراها وَلَو تَشاءُ مِنَ القُر بِ لأَغناكَ عَن…
ترصيع بالذهب على سيف دمشقي
أتراها تحبني ميسـون..؟ أم توهمت والنساء ظنون يا ابنـة العم… والهوى أمويٌ كيف أخفي الهوى وكيف أبين هل…
عيك بعلوي السجايا فانها
عيك بعُلْويِّ السجايا فانها تُعيد الدَّنيَّ الأصل صدراً مباهيا ألم ترني بعض الحجارة لم يزلْ بي الصدق حتى…